أخبار عالميةأخبار عربيهسياسةمقالات ووجهات نظر
أمريكا تخذل أوروبا كالعادة
أمريكا تخذل أوروبا كالعادة
بقلم/ أحمد الجرف
كما قلنا فى مقال سابق لنا أن أوروبا لا تقرأ التاريخ جيداً حيث تقدم كل إمكانياتها على مذبح التعاون الامريكى الاوروبي وحين يصبح الطعام ناضجاً تتدخل أمريكا لتقرر من يستفيد .
حدث ذلك فى الحرب العالمية الاولى والثانية وحرب الخليج وثورات ما يسمى الربيع العربي وأخيراً حرب أوكرانيا وروسيا .
تورطت الدول الاوروبية فى الصراع ضد التوسع الروسي المزعوم وخططت لمكائد ضد الدولة الروسية منطلقة من الاراضى الأوكرانية .
بل أنها دفعت أوكرانيا إلى محاولة الاستقلال السياسي عن روسيا والانضمام الى الاتحاد الاوروبي لتضييق الخناق على الجانب الروسي وإيقاف وتيرة التوسع الجغرافى الروسي .
كل تلك الاحداث كان المخطط والمهندس لها ذلك السياسي الامريكى المخضرم الذى كرر التجارب السابقه . لتقتنع أوروبا التى لا تقرأ بالمخطط وتندفع فى عداء معلن مع الجانب الروسي الذى وبكل سهولة أدرك المخطط فقام بخطوات إستباقية وهاجم ذلك المخطط وحقق أحد أمنياته بالتوسع الفعلى فى أوكرانيا ليقضم الدب الروسي قطعه جديدة من أراضى القيصيرية الروسية القديمة بعد شبه جزيرة القرم .
كان الدب الروسي قد أنهى مبكراً كل الاحتمالات والعتاد لحرب طويلة الامد . بينما أوروبا التى لا تقرأ التاريخ تورطت وعانت الازمات فى كل شيء .
كالعادة ورطت الولايات المتحدة الاتحاد الاوروبي فى الحرب مع القليل من المساعدات لتحقق أكبر المكاسب المتمثلة فى إضعاف الدب الروسي وإلهائه عن التمدد الجيوسياسي فى العالم .
وأيضاً إضعاف أوروبا عبر المعاناة والخسائر الغير متوقعه . وفى النهاية حسمت القضية فى قمة العالم فى ولاية الاسكا حين قرر الزعيمان الامريكى والروسي كيف تننهى الحرب وتقسم المصالح الدولية فى غياب كامل للإتحاد الاوروبي .
قرر الزعيمان مراكز القوى العالمية وأماكن التواجد والاتجاهات المستقبلية دون مراعاة للوجود الاوروبي حتى أن الرئيس الامريكى حين أعلن مقترح خطة السلام فى روسيا لم يعلم ببنودها الاتحاد الاوروبي الا عند إعلانها للعالم ولا أوكرانيا نفسها .
الامر الذى جعل من أوروبا أضحوكة العالم . هنا فقط أدركت تلك الدول البائسة حجم التلاعب بها من البيت الابيض الامر الذى دفعها عبر ممثله الاتحاد الاوروبي لمحاولة الاشتراك فى صياغة السلام فى تلك القضية كحق مكتسب لدول أُنهكت وإكتوت بنار تلك الحرب .
وقد تحدثت بالامس ممثلة الاتحاد الاوروبي عن التعويضات لأوكرانيا وإعادة الاعمار لما أتلفته الحرب فى محاولة مؤسفة لفرض موقفها على ساكن البيت الابيض الذى لا يعير الاهتمام بهم فى أى شأن بل أنه يخطط للخروج من قيادة أوروبا عبر تغيير التواجد العسكرى هناك لتتحمل أوروبا مسؤولية الدفاع عن نفسها وإتخاذ التدابير اللازمة لحماية نفسها أمام الدب الروسي الجائع لباقى موروثاته .
هذه الاجراءات دفعت دول أوروبية الى التفكير فى التجنيد الاجبارى من جديد وزيادة القوة العسكرية تحسباً للإنسحاب الامريكى من أوروبا .
الحقيقة أن أوكرانيا خسرت من أرضها الكثير وأوروبا خسرت من قواها العسكرية ومن ظهيرها الامريكى الكثير وخرجت روسيا منتصرة وخرجت أمريكا منتصرة بعد أن أضعفت أوروبا وروسيا لمدة تغطى وتعوض فترة الانسحاب الامريكى من نزاعات العالم والانكفاء على مشاكلها الداخلية .
إن سياسة الولايات المتحدة الفترة القادمة تعتمد على إنهاء الصراعات فى العالم والتحول للداخل لحل المعضلة الاقتصادية الامريكية الغير مسبوقة . بعد أن مهدت الطريق لتلك الخطوة عبر تثبيت وإضعاف القوى المعادية وأيقاف أى تحرك محتمل لوراثة تواجدها فى العالم بعد سحب قواتها المنتشرة فى العالم .
إن الولايات المتحدة لم تكن بريئة حين قررت خوض حرب أوكرانيا روسيا عبر وسيط أوروبي مخدوع .فقط أنها تكرر تجربة طالما أثبتت نجاحها بل وأثمرت .
بينما يجلس القادة الاوروبيون الان فى مشهد لا يحسدون عليه عرايا أمام شعوبهم التى لها سؤال واحد .ماذا إستفادت أوروبا عبر تاريخها الحديث من التعاون مع أمريكا ؟
الإجابة لا شيء فقط عانى المواطن الأوروبي من شتاء قارص ومن خدمات أقل ومن إهدار لأموال الضرائب .
أوروبا لا تقرأ وأمريكا تخطط وروسيا تكسب الارض بالاتفاق مع الجانب الامريكى عبر تبادل المصالح الدولية المشتركة . وقريباً ستتجه الانظار الاوروبية الى أفريقيا الحزينة لتسرقها علنا لتعوض خسائرها . تلك سنه ماضية .
إننى أرى أن الفرصة سانحة لتصفية أى نزاع بتدخل أمريكى شريطة أن لا يؤثر على خطة أمريكا ومصالحها فى العالم أو على إقتصادها . فلم يعد يهم أمريكا من ينتصر فى أى صراع ولا تقف مع أحد ضد أحد . السياسة الامريكية تريد تسكين كل النزاعات وليس حلها .
أمريكا ستذهب مع الطرف الاقوى على مائدة المفاوضات وليس صاحب الحق . فقط من يملك إنهاء الصراع وقوة المفاوضة والقوة على الارض .
إنها فرصة ذهبية لنا لحل أزمة السودان وسد النهضة وترسيم الحدود . أمريكا اليوم تحضر لإقتصاد أقوى ولا تفكر فى التوازونات بنفس القدر الذى تفكر به فى إقتصادها المنهار .
إن تقديم عرض قوى يمثل خيارات قوية هو المهمة الرئيسية للمفاوض المصرى الان . تجهيز الملف المصرى لابد وأن يلقى عناية أكبر عبر متخصصين محنكين فى هذا الشأن .
أن أمد فرصه حل أى نزاع قصيرة جداً قد لاتتعدى الايام القليلة وبعدها سيعلن شرطى العالم سياسته بوضوح وتصير أمراً واقعاً . حفظ الله مصر من كل شر وسوء .
أمريكا تخذل أوروبا كالعادة
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.




