مقالات ووجهات نظر

انت موهوم..! جريدة المساء العربى

بقلم: محمود السيد محمد

انت موهوم..!

 منذ عدة أشهر تشاجرت مع أحد أصدقائي
قال في لحظة غضب “انت عايش في وهم..”
 لكنني لم اغضب ولم اتعجب من ردة فعله لأنني اعرف جيداً ان قلبه يحمل بعض الكراهية، تجاهي..
لكن الذي أشعل التفكير داخل رأسي هي كلمة ” الوهم “
الذي نعلمه جيداً هو ان الوهم تشوُّه يحدث للحواس، ويَكشِف كيف يُنظم الدماغ ويُفسِّر الإثارة الحسية إلخ..
لكن من وجهة نظري اننا لا نستطيع التخلي عن الوهم
الوهم يا سيدي هو مصدر طاقه نفسيه وجسديه..
الوهم سلاح ذو حدين لو تعلمون..
اجريت اختبار طريف مع ابن اختي البالغ من العمر أربعة أعوام..

كان الطفل يلهو بكل طاقه وحيويه، أخبرته انه مريض ويجب عليه التوقف عن اللعب، نظر لي وهو يحاول ان يخبرني انه لا يشعر بشيئ!!
لكنني سريعاً اخبرته ان يده اليمنى تؤلمه انت مريض يا بني يدك تؤلمك بشده!!
كنت أتحدث معه بكل جديه
العجيب في الأمر انه بدأ يتصرف وكأنه مريض فعلا ويده تؤلمه، ثم بدأ في البكاء وذهب يخبر امه أن يده تؤلمه
كنت في حالة ذهول مما حدث لم اتخيل أن الأمر سينجح هكذا!!
انه الوهم يا صديقي، منذ مده لا تقل عن ثلاثة أعوام قراءة قصه جميله واحتفظت بها..
أيوجد سم أشد فتكا من سم الأفعى؟

سأل الملك .
_ أجل يا مولاي … سم الوهم .
أجاب الشاعر .
قهقه الملك وقال .
_ حسنا , أسقك سم الأفعى وأسقني سم الوهم , لنرى أيهما أفتك ؟
قال الشاعر .
_ مشيئة مولاي , لكن لي شرط واحد .
قال الملك .
_ وما هو ؟ أفصح …
قال الشاعر .
_ أن أتناول عقاراً بعد السم .
قال الملك ساخراً .
_ لك ما تشاء …

على مرأى وزراء الملك وأعوانه , احتسى الشاعر كأسا من سم الأفعى الزعاف
والبسمة لاتفارق محياه , وتجشأ وقال :
_ العقار ….
وكرع الحليب الممزوج بزيت الخروع والأعشاب البرية ثم تقيأ كل ما في أحشائه
حتى بدا متعافيا .
قال الشاعر بهدوء , مخاطبا الملك .
_ أمهلني سبعة أيام يا مولاي لأهيه .

سبعة أيام ورنين هاون الشاعر لا يفارق مسامع الملك إلا في هزيع الليل
فيأوى الى سريره والهواجس تنهشه والكوابيس تحاصره ليستيقظ فجرا
مع أول دقة هاون .. ترى ماذا يعد له هذا الشاعر الملعون ؟؟؟
في اليوم الأول لم يبال والهاون يرن .
في اليوم الثاني دهمه القلق والهاون يرن .
في اليوم الثالث حلّ فيه الخوف والهاون يرن .
في اليوم الرابع عاف الطعام والهاون يرن .
في اليوم الخامس عاف الشراب والهاون يرن .
في اليوم السادس أصابه النحول والوهن والهاون يرن .
في اليوم السابع مات الملك وسكت الهاون .

داهم أعوان الملك وحراسه وحاشيته بيت الشاعر ليصادروا ذلك السم الرهيب
الذي أودى بحياة مولاهم الملك قبل أن يجرعه
فوجدوا الهاون خاويا , فزجروه غاضبين :
_ أين السم ؟ ماذا كنت تطحن ؟
قال الشاعر .
_ كنت أطحن الوهم .
هكذا هو الوهم يا صديقي من الممكن أن يحييك ومن الممكن أن يُميتك
ظل أبي خمسة عشر عام يأخذ ادوية للكلى وفي إحدى الليالي شعر بـ ألم شديد قال له الطبيب لا بد من استئصال الكلى، اخبره صديقه ربما يكون هذا الطبيب على خطأ تعا معي إلى طبيب آخر
كان ابي في حالة ذهول شديد حينما أخبره الطبيب أن الكلى ليس بها أي عيب وقال غاضبا من هو الطبيب الغبي الذي أخبرك بذلك؟
بعدها لم يشعر أبي بالألم!!
انه الوهم يا سيدي
كم من مريض بالوهم يتألم وكم من موهوم بالنجاح والسعاده يفرح..
استغل الوهم في إسعاد نفسك ولا تلتفت إلا أراء من تشعر بانه يحقد عليك، انشغل بنفسك واخلص في عملك وربما وهم النجاح والسعاده يكون حقيقة يوم ما.. واحذر جيدًا فإن الوهم سلاح ذو حدين.

انت موهوم..!  جريدة المساء العربى
انت موهوم..! جريدة المساء العربى

 


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading