
التحرش جريمة تنتظر مجتمعًا لا يساوم على كرامة أبنائه
رغم اتساع دائرة الوعي، لا يزال التحرش يحدث في البيوت، المدارس، الشوارع، وحتى الأماكن التي يُفترض أنها آمنة. الجريمة لا تبدأ من يد المعتدي فقط بل من صمت المجتمع، ومن كل محاولة تُقلّل من خطورتها باعتبارها “مزحة” أو “سوء فهم”. الصمت ليس حيادًا؛ الصمت شريك في استمرار الأذى.
تؤكد الأمم المتحدة أن التحرش شكل من أشكال العنف الذي يترك آثارًا نفسية ممتدة: قلق، خوف، فقدان ثقة، وانسحاب اجتماعي.
كل تبرير أو تهوين يمنح المعتدي فرصة جديدة ويترك الضحية بلا دعم أو عدالة. الأطفال الفئة الأكثر تعرضًا والأقل قدرة على الكلام.
تشير تقارير UNICEF إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال المتعرّضين للتحرش لا يبلغون أسرهم، إما خوفًا من اللوم أو لعدم إدراكهم لما مرّوا به.
لهذا يصبح دور الأسرة محوريًا: تعليم الطفل حدود جسده، منحه مساحة آمنة للبوح، وتصديق روايته دون تهوين أو اتهام.
الأسرة خط الدفاع الأول الخطأ الأكبر أن يُطلب من الطفل “يسكت” أو يتم اتهامه بسوء الفهم.
الأسرة الواعية تحمي، تسمع، وتتحرك.
الصمت داخل البيت يضاعف الخطر خارجه.
المدرسة… مسئولية لا يمكن تجاهلها
المدرسة ليست مكانًا للتعليم فقط، بل بيئة اجتماعية يجب أن تكون آمنة.
وجود سياسات حماية واضحة، وتدريب للمعلمين، وقنوات شكاوى محترمة، هي أساس حماية الطفل.
فالطفل الخائف لا يتعلم… ولا ينسى.
لماذا نصمت؟
ثلاثية الخوف من الفضيحة، وتبرير المعتدي، وضعف المساءلة، تجعل التحرك بطيئًا والضرر متكررًا.
مواجهة التحرش تتطلب شجاعة مجتمع لا يساوم على كرامة أفراده.
خاتمة
الحماية حق… والصمت خطر.
مواجهة التحرش تبدأ من الأسرة، يدعمها الوعي في المدرسة، ويضمنها القانون، ويثبتها مجتمع يواجه الحقيقة دون تجميل أو خوف.
وحده المجتمع الذي يكسر الصمت قادر على حماية أطفاله وكرامة أفراده.
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



