مقالات ووجهات نظر

الــكــــــــــــــــــــــــــــــــــراســي لا تــــــــــــــــدوم

بقلــــم دكتور : أحــمــد طــه عـفـيـفـي

الــكــــــــــــــــــــــــــــــــــراســي لا تــــــــــــــــدوم

• ان المناصب تزول والكراسي لا تدوم لأحد والسلطة لا تصنع حب الناس وإن تصنع نفاقهم ؟

في بداية كلامي ،الكلام عام ولا يخص أحد ولكن يجب علينا جميعا أن نعلم بأن الكراسى لا تدوم وعندما تكون فى مكان يجب أن تصنع لنفسك اسم ومكانه بين الجميع . وليس المكان والكرسى هو من يصنع الاسم والمكانه.

عزيزى القارى المكان والمنصب فى زوال ولكن يبقى الخير والعمل بضمير والكلمه الحسنه 

لا شك في أن المنصب يعطي صاحبه هيبة وسلطة وقوة، ولكن لا يعني أنه من أجل المنصب الذي لا يدوم ينسلخ المرء من مبادئه وأخلاقه، فإذا وثق المرء بالكرسي الدوار، فعليه ألا يثق بالأرض التي تحمل هذا الكرسي، فالمتغيرات كثيرة، ويمكن أن تخلع صاحب المنصب من كرسيه كما يخلع المسمار من الخشب، والأمثلة من حولنا كثيرة، نراها لأصحاب المناصب؛ فهناك من عزل عن منصبه بسبب أو من دون سبب، وهناك من تقاعد عن العمل بحكم عمره، وهناك من فارق الحياة وترك منصبه، وتمر بنا الأيام ونشاهد جميع هذه الأمثلة رأي العين لأشخاص عملنا معهم أو تعاملنا معهم أو عشنا معهم، انها أشبه بكرسي الحلاق تلك هي المناصب عندما يتقلدها البعض من الناس إلى حين ثم يرحلون عنها إما قسرًا أو طواعية فليست لهم الخيرة في ذلك!

يأخذني العجب، غاية العجب، كلما تتبعت خطوات بعض منْ مَنَّ الله تعالى عليهم بتسلق سُّلَّم المسؤوليات؛ من مسؤولين صغار، إلى مسؤولين يقام لهم ولا يقعد، بمسؤوليات ومناصب ذات مكانة في السُّلَّم الاجتماعي ، كيف تتبدل أحوالهم، وتتغير سلوكياتهم ، ويتجرؤون على التنكر لأحوالهم الماضية، وصداقاتهم السابقة، ويتحولون إلى مستبدين يستهويهم “ركوب” الكرسي، واعتلاء منبر الخطابة، والولوع- حدَّ الهوس- بالمدح والتصفيق؟ !.

لقد كُتب لنا أن نعايش طوائف من هؤلاء، بدأوا مسارهم في سُّلَّم المسؤولية صغارا يتلمسون رضى الأسياد، ويتمسحون بأعتاب من يهمهم الأمر من المسؤولين الكبار. وهاهم اليوم، بعد أن اشتد عودهم، وأمِنوا على كراسيهم من الزوال؛ يولون الأدبار لماضيهم الكئيب حيث كانوا هُمَ انفسهم يتمسحون بقوائم كراسي أسيادهم. بل وصل بهم الحال اليوم أن صاروا يستبدون بمناصبهم الحالية، ويقدمون نماذج لطواغيت صغار تتشكل منها قاعدة إداراتنا المختلفة، وتبني لها عروشا من “الوهم” كالذي ضلل طواغيت العرب، لعقود، حتى أسقطهم الربيع الشعبي !.عجبا لأمر من يناقش كل شيء، ويتكلم في كل شيء، ويفهم في كل شيء، ويدعي أنه الوحيد الذي يقوم على أمور الناس، وبدونه ستضيع الحقوق، وستتوقف الأرض عن الدوران، والشمس عن الطلوع ؛ ولقمر على الغروب ! ثم يرتفع به غروره القاتل إلى التنكر لحاله الماضية، والاعتقاد أن الكرسي الذي يعتليه إرث له و لأولاده، وليس دُوَلاً بين أبناء الشعب يعتلونه حسب الاستحقاق، والجدارة. وإذا نوزع فيه، رأيته يقاتل دونه بالحديد والنار.

الــكــــــــــــــــــــــــــــــــــراســي لا تــــــــــــــــدوم

غريب أمر هذا الكرسي الدوار، فهو محط أنظار الغالبية من البشر، وشغلهم الشاغل والحلم الذي لا يفارقهم، له سحر خاص، تتهافت القلوب بشكل عجيب للوصول إليه.   

ان المتلون في المناصب يتلون حسبما يهوى غيره معه وأحياناً ضده، أما الأصيل الثابت من الداخل والخارج بأخلاقه وبتعامله فهو بالتأكيد سيكون طريقه ثابتاً وواضحاً في المنصب؛ فهو عنده تكليف وليس تشريفاً، كما أنه أمانة، وهو وظيفة كسائر الوظائف، فعلى كل مسؤول أن يعي بأنه يتقاضى أجره من عمله ووظيفته فلا يتكبر ولا يتلون ولا ينافق ، ولا ضير من أن يسعى الإنسان ويكافح من أجل الارتقاء في المنصب لكن الحذر الحذر بأن يكون الوصول إلى هذه الغاية بالكيد للآخرين أو على حساب غيره (زملاءه ومجتمعة)، والكذب والتلوي والتملق والتمثيل بأعرف العارفين، فمن يتخذ ذلك طريقاً فلربما سيصل إلى مبتغاه، ولكن لن يدوم طويلاً؛ فالسيرة الحسنة كما الروائح الجميلة يشمها المجتمع، فكذلك السيرة السيئة كالروائح القبيحة لها رائحة كريهة لن يتحملها المجتمع طويلاً، وسيعمل على طردها، ولن يبقى إلا الصحيح وان طال المكوث على الكرسي.

إنّ الكرسي زائل وإن طال، وصاحبه نازل عنه وإن جلس فوقه أمداً. وأرجله ستغوص ذات يوم أرضاً. والعاقل من جعل الكرسي يطلبه، ويسعى إليه. والكيّس ينظر في من سيخلفه، لأنه في الأصل خلف غيره، يصعد ثم ينزل ليترك مكانه لغيره.

و في المقابل، لا نملك إلا أن نقف تقديراً وإجلالاً لهامات عظام من الرجال والنساء الذين ظلوا – رغم ترقيهم في رحاب السلطة والمسؤولية – أوفياء لماضيهم وصداقاتهم، ومنازلهم الضيقة التي يسكنونها. وعائلاتهم ما زالت تسكن في القرى والنجوع، ويزورونهم في كل مناسبة بمزيد من خفض الجناح، والتواضع الجم؛ رغم المنصب المرموق، وهم من خيرة أبناء هذا الوطن؛ يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، ويعاشرون عامة الناس. لم يغيرهم «الكرسي»، ولم يستبد بنفوسهم الخيِّرة، حب التسلط، والرغبة في الاستبداد.

وفى النهاية أقول لماذا لم تترك خط للعودة أذا تم أعفاءك ؟ 

نقرأ لأجل تعليمنا من سفر ارميا النبي الاصحاح التاسع 

٢٣ « هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ يَفْتَخِرَنَّ الْحَكِيمُ بِحِكْمَتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ الْجَبَّارُ بِجَبَرُوتِهِ، وَلاَ يَفْتَخِرِ الْغَنِيُّ بِغِنَاهُ. ٢٤ بَلْ بِهذَا لِيَفْتَخِرَنَّ الْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ، لأَنِّي بِهذِهِ أُسَرُّ، يَقُولُ الرَّبُّ. سفر إرميا ٩ :٢٣، ٢٤

وفى القران الكريم (( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ))* سورة ال عمران*185*

الــكــــــــــــــــــــــــــــــــــراســي لا تــــــــــــــــدوم

الــكــــــــــــــــــــــــــــــــــراســي لا تــــــــــــــــدوم


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading