حوادث وقضايا

دهس وموت في لحظة

كتبت / رنيم علاء نور الدين

 

دهس وموت في لحظة

دهس وموت في لحظة

كتبت / رنيم علاء نور الدين

كانت شمس الصباح تتسلل بهدوء بين مباني مصر الجديدة عندما خرجت مريم عصام من باب منزلها تحمل حقيبتها، وداخلها دفاتر طلابها الذين اعتادت أن تراجعها قبل بدء الحصة الأولى. كانت خطواتها سريعة لكنها مطمئنة، فاليوم الدراسي يبدأ بعد أقل من ساعة، وهي — كعادتها — لا تحب أن يتأخر أحد طلّابها ولا تتأخر هي عنهم.
لم تكن تعرف أن تلك الخطوات ستكون الأخيرة.

كانت مريم تعبر الطريق في اللحظة التي ظهرت فيها سيارة مسرعة تشق الشارع كأنها تهرب من شيء. لم يتوقع أحد من المارة ما سيحدث في ثوانٍ قليلة… صوت احتكاك العجلات بالإسفلت، صرخة قصيرة، ثم ارتطام قوي هز المكان.
سقطت مريم على الأرض، وبدلاً من أن يتوقف السائق، ضغط أكثر على دواسة البنزين. مرّت العجلات فوق جسدها الهش أثناء محاولته الهروب، ليس ليفلت من كارثة، بل ليخلق كارثة أكبر.

كشف تقرير الطب الشرعي لاحقًا أن المعلمة أصيبت بكسر في مقدمة الجمجمة ومؤخرتها، إصابات لا ينجو منها بشر. توفيت في لحظتها… في نفس الثانية التي كانت تفكر فيها ربما في طلابها أو درسها الأول.

خلال ساعات، تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على السائق الهارب. شاب حاول إخفاء جريمة لا يمكن إخفاؤها. أُحيل إلى المحاكمة، وقضت محكمة أول درجة بحبسه سنة مع كفالة 5 آلاف جنيه وإيقاف رخصته 6 شهور. حكم اعتبره البعض مخففًا مقارنة بما ارتُكب في الشارع أمام أعين الناس.

لم يقبل المتهم الحكم، وقدم استئنافًا.
وغدًا… السبت، تقف القضية من جديد أمام محكمة جنح مستأنف مصر الجديدة، لتصدر قرارها الأخير في قضية هزّت مشاعر كل من عرف معلمة الرياضيات الهادئة التي لم تُؤذِ أحدًا يومًا.

ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه على كل من تابع التفاصيل:
هل يكفي عام واحد خلف القضبان ليكون ثمن حياة مريم عصام… أم أن العدالة الحقيقية ما زالت تبحث عن صوتها؟


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading