
“فيديو مُضلل وحقيقة غائبة”
كتبت / رنيم علاء نور الدين
لم يستغرق مقطع الفيديو سوى دقائق ليشق طريقه بين حسابات مواقع التواصل، يثير تعليقًا هنا وغضبًا هناك. سيارة ملاكي بزجاج ملون.
يظهر صاحب الحساب وهو يزعم أنها سيارة مجهزة طبيًا تخص أحد ضباط الشرطة،
وأن الأخير بحسب روايته ،سحب رخصة شقيقه في الإسماعيلية من غير وجه حق.
رواية جاهزة اشتعلت بها التعليقات، قبل أن تظهر الحقيقة.
تحركت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية سريعًا لفحص ما تم تداوله.
تم تحديد السيارة بسهولة، واتضح أنها سارية التراخيص بالكامل.
وعند استدعاء مالكها، ظهرت أول مفاجأة:
المالك رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة… ووالد الضابط الذي تم الزج باسمه في الفيديو.
أما تفاصيل الواقعة الحقيقية، فكانت أبعد ما تكون عن الاتهامات المتداولة.
ففي يوم 23 من الشهر الجاري، كان الضابط يؤدي عمله في أحد الارتكازات الأمنية،
حين استوقف سيارة ملاكي ذات زجاج ملون وفيها كسر واضح بالزجاج الأمامي.
تقدّم للتأكد من الأوراق، لكن الموقف سرعان ما انقلب عندما اعتدى مرافق قائد السيارة وهو شقيق الشخص الذي نشر الفيديو بالسب على قوة الارتكاز.
تم ضبطه، واتخاذ الإجراءات القانونية حياله، ثم عُرض على النيابة العامة.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك
فالذي نشر الفيديو قرر بدوره خلق رواية بديلة، يدعي فيها أن الضابط سحب رخصة شقيقه ظلمًا، بل وادّعى ملكيته للسيارة نكايةً فيه.
التحقيقات كشفت كل شيء، وثبت أن المقاطع المتداولة لا تمت للحقيقة بصلة،
وأن الاتهامات كانت مجرد محاولة للنيل من الضابط بعدما طُبّق القانون على شقيقه.
ومع اتخاذ الإجراءات القانونية ضد ناشر الادعاء الكاذب.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه وسط زحام الأخبار والاتهامات السريعة:
كم من الحقائق يمكن أن تُشوّه في لحظة… لمجرد أن شخصًا واحدًا قرر أن روايته أهم من الحقيقة؟
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


