مقال X حدوته.. ” كارت الجحيم “
بقـلم / هشـام سـطوحي
أسرة بسيطة.. الزوج موظف، والزوجة موظفة. لا يملكان من الدنيا سوى راتبهما اللذين بالكاد يغطّيان به نفقات المعيشة، ومعهما ثلاثة أبناء في مراحل التعليم المختلفة، وأحلام كثيرة مؤجلة على رف الحياة.
ومثل أغلب الموظفين، كانت لهما حسابات في البنوك لتحويل الرواتب، وكانا يتلقيان بين الحين والآخر عروضًا مغرية للحصول على “فيزا مشتريات” أو قروض بضمان المرتب.
كلام معسول، ووعود براقة، وصوت موظف يتقن لعبة الإقناع .. حتى اقتنعا في النهاية، ووافقا على استخراج البطاقة.
في البداية استخدماها بحذر .. فقط عند الضرورة القصوى.
لكن مع موجة الغلاء التي ضربت الأسواق، ومع الأيام التي أصبحت فيها المصروفات تتجاوز الدخل، لم يجدا أمامهما سوى تلك البطاقة لسد العجز المؤقت.
لكن “المؤقت” طال، والفوائد تكاثرت، حتى تحوّلت البطاقة إلى بابٍ صغير من أبواب الج-حيم.
بدأت الرسائل والإتصالات.. تحذيرات، تهديدات، وإهانات من موظفين لا يعرفون سوى لغة القسوة.
اختفى الكلام المعسول الذي كان في البداية، وحلّ مكانه صوت غليظ يذكّرهم في كل إتصال أنهم غارقون في الدين حتى الرقبة.
تغيّرت ملامح البيت .. الهمّ صار ضيفًا دائمًا.
الزوج ينهار نفسيًا وجسديًا من الضغط، والزوجة تحاول المستحيل لتسد فجوة لا تُسد.
وبعد أيام قليلة، يسقط الزوج صريعًا للمرض والهم، تاركًا خلفه قلبًا مكسورًا وديونًا لا تموت.
تجد الزوجة نفسها وحيدة .. بين دين يتضاعف، ومسؤولية تضخمت فوق طاقتها.
لا أحد يسأل، ولا أحد يرحم .. فقط أرقام تُضاف في خانة الفوائد، وأرواح تُخصم من خانة الأمل.
قد لا يكون هذا المقال مريحًا .. لكنه صرخة حقيقية من داخل بيوت كثيرة تُحاصرها البنوك قبل أن تُحاصرها الحياة.
صرخة إلى من بيده الأمر:
ارحموا هؤلاء الناس، فالفائدة حين تتجاوز الإنسان، تتحول من رقم في ورقة إلى كارت ج-حيم يحرق قلوبًا لا تملك إلا أن تصبر وقلة الحيلة.
مقال X حدوته.. ” كارت الجحيم “
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
