أختي سِجِلُّ طفولتي شعر / عادل فاروق
أختي سِجِلُّ طفولتي
شعر / عادل فاروق
عضو اتحاد كتاب مصر
أختي الحنونة دُرّتي ومنارتي
ومَجرّتي في عالمـي المكنونِ
هي سيرتي ومَسيرتي ومسرَّتي
وسـريرتي هي هامشي ومُتوني
هي ذكرياتُ طفولتي وملامحي
هي شِقــوتي وبراءتي وجُنوني
إن قلتُ آهٍ تشتكي من عِلّتي
وتئنُّ من وجَــعٍ يفوقُ أنيني
وإذا سُررتُ أرَى الوجودَ بكفّها
زهرًا تفتـّح في ربيــــــعِ سِنيني
هي قارئٌ عيني وشارحُ نَبرتي
هي شاهدٌ زُهدي وفَرطَ مُجوني
هي كاتمٌ سرَّ الغرامِ بصَــبْوَتي
هي تُرجمانُ تحرُّكي وسُكوني
هي بَعد أمّي دعوةٌ أحيـــا بها
وأنا القلاعُ أصونُها بحُصوني
هي قلبُ أمٍ يستطيبُ سعادتي
ورفيقُ دربٍ لا يطيبُ بدوني
أختـــاهُ يا أختــاهُ كم ذكرَى لــنا
في كلِّ شأنٍ من جميلِ شؤوني!
هل تذكرينَ “التوتَ” و”الخُرشوفَ”
و”الدَّومَ” يتبعُ لذعـةَ “الليمــونِ”؟
وحرنكشًــا لله دَرُّ الـقائــــلِ
بعضُ السّرورِ مُعَلقٌ ببطونِ!
وأدُسُّ رأسي في الجِدار لتختفي
وأعُــدُّ عَـشـرًا قاطــبًا لجُـفـوني
أو أن تكوني تارةً شُرطيةً
وأكونُ لِصًّا يُبتغى لسُجونِ
والقطةُ العمياءُ كم طاحتْ بنا
من فوقِ سُـــلمِ بيتِنا الميمونِ!
فنعُسُّ كالعشواء نبسُطُ أذرُعًا
متخبّطــينَ بدورقٍ وصُحونِ
حتى إذا صاحَ النّذيرُ مُهدّدًا
فإذا الضجيجُ مُبدَّلٌ بسـكونِ
ونَشُبُّ تحتَ الغيثِ نرفعُ هامةً
فتُداعبُ الزخـّـاتُ طرفَ عُيونِ
فإذا ارتوينا من ثُمالةِ لهـوِنا
نبني بُيوتًا من عَجينِ الطينِ
ولِفافةَ الحلوى التي قد قُسّمتْ
بسمــاحةٍ رغمَ اشتهاءِ بُطونِ
ونطيرُ فوقَ حِبالنا برشاقةٍ
كالبهــلوانِ مُـؤديًّا لـفنــونِ
ويطيبُ كَعكُ العيدِ وقتَ حُشودِنا
فــإذا الأكفُ تشـابكتْ كغُصــونِ
وتنزُّهاتُ الصيفِ كم تُقنا لها
والقلبُ بين حقـيقـةٍ وظنــونِ!
وبريشة النشوانِ نرسُمُ حُلمَنا
في غيرِ حُسبانٍ لريبِ مَنونِ
وكأننا حُزنـا زِمامَ مَصيرِنا
أو أننا سنعيشُ بِضعَ قرونِ
كم ألجأ القلبَ الصغيرَ براءةٌ
لسماعِ سَردٍ من خيال حنونِ!
فتجيبُنا الأمُّ الرّءومُ بقصةٍ
مشدوهةً بخيــالنا المفتونِ
تحكي فنسبحُ في عُبابِ خيالِها
حتــى يغُطَّ الـنومُ بين جُـفــونِ
أختاه يا أختاه تعجزُ أسطـــــري
عن ذكر حسٍّ في الحشا مكنونِ
مـا بين أمٍ لا تضنُ برحــمةٍ
تزنُ الأمورَ بمنطقٍ مَوزونِ
وأبٍ شريفٍ في التواضعِ آيـةٌ
سمــحٍ كــريمٍ مُسـقـطٍ لـديـونِ
أختاهُ كيفَ أرى سِجلَّ طفولتي
فأعافَه مُستســــــــلمًا لشُجوني
سنظلُّ نغرسُ ودَّنا حتى وإن
هاجَ الزمانُ بسيفهِ المسـنونِ
لنبـــرّ بعدَ الوالدين بذمّةٍ
تبقى لجيلٍ شاردٍ مَغبونِ
تبًّا لجائـــحةِ المطـــامعِ إنّـــها
نارُ النوى في مِرجلٍ مَشحونِ
وإذا الرّدَى المحتومُ مزَّقَ شَملَنا
فالـمُــلتقى في جَنـــةٍ وعـُـــيونِ
يا ربِّ أكرم مُهجتين تفانيـا
وارحمهما بعطائِك المأمونِ
واحفظ أُخيَّةَ عابدٍ مُتوســلٍ
رفعَ الأكفَّ تضرُّعًا بيقينِ
أختاه مهما قلتُ تعجز أسطــري
فجليلُ عرفانِ الورى يحـــدوني
وشهــــادتي مجروحةٌ حتمًا متى
أحصي النخيلُ شمائلَ العُرجونِ؟
أرأيتِ بدرًا مادحًـــــا لنجومِه
أو مُقلةً هامتْ بطرفِ عيونِ؟
يُبقيكِ ربي ما حييتِ كريمةً
فضــلا بقدرةِ كــافِه والنونِ
وإليكِ نبضي قد أجَلَّكِ مُقسِمًا
أنّ الفؤادَ يكونُ حيثُ تكـوني
عادل فاروق
عضو اتحاد كتاب مصر
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.