مقالات ووجهات نظر

أعظم استثمار يستثمره الرجل في حياته

 

أعظم استثمار يستثمره الرجل في حياته

أعظم استثمار يستثمره الرجل في حياته

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الجمعة الموافق 24 نوفمبر

أعظم استثمار يستثمره الرجل في حياته

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، لقد جعل الإسلام للشيب الذي يظهر على رأس المسلم ولحيته قيمة عظيمة، وأجرا كبيرا، قال صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة” فإذا كانت توجيهات هذا الدين نحو الكبار واحترامهم بهذا السمو، فأين هذه القيمة العظيمة في حياتنا؟ وأين حقوقهم في مجتمعاتنا وفي سلوكنا وتعاملاتنا؟ فكم من أبوين كبيرين عقهما وهجرهما وأساء معاملتهما أبناؤهما، وكم من شيخ أو إنسان كبير تطاول عليه الصغار والشباب وسخروا من كلامه ورأيه.

وتقدموا عليهم في المجالس والطعام والشراب، وكم نرى شبابا تستطيل ألسنتهم على الكبار، وكم نرى شبابا لا يعرف للكبير أيي قدر ولا أي مكانة قد يلمزه بجهله، وقد يلمزه بضعف رأيه، وقد يلمزه بقلة علمه، وقد يلمزه بعدم نظافة ملبسه، فكل هذه الأمور وغيرها لا يجب أن تحملك على إهانة الكبير، بل قدر الكبير وعظمه، وأظهر لأولادك عندما يزورون معك رحما أنك تقدم الأكبر فالأكبر، فهذا من إجلالك لله، ولن يخيب الله رجاءك يوم أن تأتيك هذه المرحلة من عمرك فتحتاج إلى من يساعدك ويعاملك المعاملة الحسنة، واعلم أن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان، ولم تقتصر قيمة احترام الكبير ورعايته على المسلم بل شملت غير المسلم طالما أنه يعيش بين المسلمين.

فها هي كتب التاريخ تسطر بأحرف ساطعة موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ذلك الشيخ اليهودي الكبير، فيذكر أبو يوسف في كتابه الخراج أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بباب قوم وعليه سائل يسأل شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه فقال من أي أهل الكتب أنت؟ قال يهودي، قال فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال الحاجة، والسن، قال فأخذ عمر رضي الله عنه بيده، فذهب به إلى بيته، فأعطاه بعض ما عنده، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال انظر هذا وأمثاله، والله ما أنصفناه إذا أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين” وهذا من المساكين من أهل الكتاب، ووضع عنه الجزية وعن أمثاله ومن هم في سنه في جميع البلاد الإسلامية.

وهذا خالد بن الوليد عندما صالح أهل الحيرة وجاء في صلحه معهم أنه قال وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين، فأين منظمات حقوق الإنسان اليوم عن مثل هذه الأحكام وهذه التشريعات؟ ولماذا لا نعود لقيمنا وأخلاقنا ونعلمها لأبنائنا وننشرها للعالم كله؟ ففيها السعادة والراحة والحب والتآلف والتراحم، وإن أعظم استثمار يستثمره الرجل في حياته هو استثماره في أبنائه وبناته في القرب منهم، والقيام عليهم، وتحسس مشاكلهم، وإشباع حاجاتهم وإلا فتنمية الأموال، وكثرة العقار لن تجدي شيئا إذا ما فقد الرجل أولاده، أو أحس بعدم انتمائهم إليه، وبعدهم عنه، فأولوا مرحلة الشباب عنايتكم.

واتقوا الله تعالى فيهم، أدبوهم أحسن تأديب، وربوهم على الإيمان والقرآن، وازرعوا فيهم مكارم الأخلاق، وعاملوهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاملهم فإنكم إن فعلتم ذلك وجدتم نفعهم في دنياكم، ويصلكم دعاؤهم لكم بعد مماتكم، فقال صلي الله عليه وسلم ” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له” .

أعظم استثمار يستثمره الرجل في حياته


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة