مقالات ووجهات نظر

أوطان وأديان

أوطان وأديانأوطان وأديان

أوطان وأديان

بقلم. محمد سمير خيال

إن حب الوطن والإخلاص له واجب على كل مصري يعيش على أرض مصر مهما كانت الظروف التي تمر بها البلاد لذلك نحن نفتخر بهؤلاء الرجال الذين ضحوا بأرواحهم في حماية الوطن من الأعداء والذي نحتسبهم عند الله شهداء قتلوا في سبيل الله وأيضاً الذين أفنوا أعمارهم في بناء وتأسيس بلدنا العظيمة مصر على كل العصور،

أما الخائن الذي يتعامل مع الأعداء ويقدم لهم كل ما ييسر لهم أهدافهم في تدمير هذه الدولة العريقة ويحقق لهم أطماعهم الخبيثة سواء خرج من مصر شريداً يبحث عن مأوى في أحضان العدو ويبيع عرضه وأرضه، أو يمكث في البلد في مكر وخبث ليمارس أنشطته الشاذة وينفذ أفكاره الخبيثة التي تهدم الثوابت الدينية والقيم الوطنية أو تقلب العادات المجتمعية والتقاليد العرفية،

يريد من وراء ذلك إثارة الفتن بين الطوائف الدينية وتخريب عقول الشباب وغيرها ولكن هذا الوضيع لا يعرف أنه كما انسلخ من وطنه أصبح منسلخ من دينه.

لذلك عن قناعتي أقول

(من ليس له أوطان لن تعرف له أديان) وأوضح أن المقصود بها: من ليس له ولاء لوطنه لن تجد له انتماء لدينه،

لأن (الوطن) هو من جاء أولاً ثم جاء الدين حيث أننا لن نجد في الأرض التي نعيش عليها مكان نزل فيه دين بدون وجود بشرية تقيم في هذا المكان،

لأن الوطن هو المكان الذي ولد فيه الإنسان وعاش فيه واستقر وتعايش مع باقي الجماعات البشرية حوله والكل تأثر بهذه البيئة وأثروا فيها وأصبح لهم عادات وتقاليد وأعراف يلتزموا بها وتوارثتها أجيالهم من بعدهم من أبناء وأحفاد وهكذا…

وستجد أيضاً لهؤلاء الجماعات البشرية لهم معتقدات وطقوس تربطهم نتيجة وجود شريعة ما.

أخذوها عن رسول أو نبي أو رجل صالح قد ولد فيهم ونشأ بينهم أو جاء من مكان آخر بآمر إلهي ليهديهم إلى سبيل الرشاد الذي قد يتمثل في عبادات وسلوكيات ومعاملات ومقدسات وبذلك أصبح لديهم ما يسمى (الدين).

بداية من بدأ الخليقة نجد آدم عليه السلام أبو البشر الذي نشأ في الجنة التي تمثل بذلك موطنه ثم بعدها تلقى هو وزوجته حواء الأمر الإلهي بأن لا يقربا شجرة معينة حددها لهما الخالق سبحانه وتعالى وعندما خالفوا الأمر الإلهي طردهم الله من هذا المكان الذي سكنوه ليهبطا لمكان آخر وهو الأرض يسكنوا فيه ويتعايشون فيه ويتزوجا ويكون لهما ذرية ومن ثم بعدها يستقبل آدم عليه السلام الأوامر والنواهي من الله عن طريق الملائكة،وبذلك يبلغ التشريعات إلى كل الأفراد التي تعيش معه في هذه الأرض التي صارت لهم وطن وأصبح لها دين.

نبي الله نوح بلغ رسالة ربه لقومه الذي نشأ بينهم في أرض بابل التي تمثل موطنهم، ونبي الله هود بلغ رسالة ربه لقومه عاد الذي نشأ بينهم في الأحقاف باليمن موطنهم،

ونبي الله صالح بلغ رسالة ربه لقومه ثمود الذي نشأ بينهم في الحجر موطنهم، وهكذا يتكرر مع النبي لوط مع قومه في سدوم، والنبي شعيب مع قومه في مدين، وأبو الأنبياء ابراهيم عليه الصلاة والسلام مع قومه في بابل، والنبي موسى وعيسى ومحمد خاتم الرسل والأنبياء.

إن من الخطأ الشائع عند بعض الطوائف الدينية سواء كانت إلهية أي التي يعتقد أتباعها بأنها شريعة أوحاها الله عز وجل مثل (الإسلامية أو المسيحية أو اليهودية)، أو الأخرى الغير إلهية أي التي يعتقد أتباعها بأنها تعليمات أسسها رجل صالح مثل (البوذية أو الزرادشتية أو الكونفشيوسية)،

وبالتالي يكون الخطأ في إن كلا الطرفين أو كل طائفة منهما تهاجم غيرها وتشير إليها وتدعي بأنها ليست ديانة وأن اتباعها لادين لهم وهذا ما هو إلا العصبية الطائفية والتي تؤدي إلى احتقار الآخر وتكفيره وتحدث الفتن وتخرب أي وطن.

مع أنهم لو تأملوا قول الله تعالى (قل يا أيها الكافرون) إلى قوله (لكم دينكم ولي دين) سيجدو أن الرسول لم يسئ إلى الطرف الآخر الكافر به وقال لهم أنتم لكم دين ولكني لا أتبعه وأنا لي دين ولكنكم لا تتبعوه والنبي لم يسئ لهم ويحتقرهم ويسبهم.

والله عز وجل يأمر المسلمين في القرآن الكريم بأن لا يسبوا الطوائف التي لا تعبده ولا يلعنوا في تلك المعبودات أمام أتباعها فيثوروا ويسبوا الله بجهل ويسيئوا إليه.

(وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) ۗ. الانعام١٠٨

بل أيضا سنجد من يقول لا يوجد دين غير الإسلام ويستشهد بالآية الذي أخطأ فهمها

(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ) آل عمران ١٩

لكن في التفاسير يقصد بالدين الذي عند الله يتقبله ومسماه الإسلام هو: ما أوحي للرسل وبلغوه لأتباعهم من التوحيد وترك كلا من الشرك ودعوة الأصنام لذلك نتأمل الآية الكريمة:

(قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة ١٣٦

نحن نعيش في وطن ضم من الأديان مثل الإسلامية والمسيحية لذلك من المفترض ولابد أن نجد السماحة بينهم والمودة والاحترام المتبادل لكل منهم، في كل ما يخص  شرعيته من عبادات وعادات وأنبياء وكتب مقدسة وأزياء شرعية، فلا نسمح لوجود ما يحدث خلل في توازن المجتمع من أفراد فيه تسخر من دين الاخر نتيجة تعصبها لدينها

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا والنصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) سورة البقرة. 

لذلك على الجميع أن يفخر بوطنه مصر الذي ولد فيها ونشأ وأطعم من خيراتها وشرب من نيلها ويسميها العالم كله (إيجيبت) وهي الكلمة المشتقة من المصرية القديمة

(جب تا) التي تعني (أرض الإله) التي ذكرت في القرآن أكثر من باقي الأراضي المقدسة.

أوطان وأديان


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

مقالات ذات صلة