مقالات ووجهات نظر

إختلاف السر والعلانية في الأعمال 

إختلاف السر والعلانية في الأعمال 

إختلاف السر والعلانية في الأعمال

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إختلاف السر والعلانية في الأعمال

اليوم : الثلاثاء الموافق 6 أغسطس 2024

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، لقد كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وهم أفضل هذه الأمة الذين اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه يخافون على أنفسهم من النفاق ويشتد قلقهم وجزعهم منه، ويقول ابن أبي مليكة رحمه الله “أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل” رواه البيهقي، وعن جبير بن نفير قال دخلت على أبي الدرداء منزله بحمص، فإذا هو قائم يصلي في مسجده، فلما جلس يتشهد جعل يتعوذ بالله من النفاق.

فلما انصرف قلت غفر الله لك يا أبا الدرداء ما أنت والنفاق؟ قال “اللهم غفرا، ثلاثا من يأمن البلاء؟ من يأمن البلاء؟ والله إن الرجل ليفتتن في ساعة فينقلب عن دينه” رواه البيهقي، وعن المعلى بن زياد قال سمعت الحسن يقول “والله ما أصبح على وجه الأرض ولا أمسى على وجه الأرض مؤمن إلا وهو يتخوف النفاق على نفسه، وما أمن النفاق إلا منافق” رواه البيهقي، وعن حنظلة الأسيدي رضي الله عنه وكان من كتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقيني أبو بكر فقال كيف أنت يا حنظلة؟ قال قلت نافق حنظلة، قال سبحان الله ما تقول؟ قال قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرا.

قال أبو بكر فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت نافق حنظلة، يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “وما ذاك؟” قلت يا رسول الله، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ” ثلاث مرات، رواه مسلم، وإن النفاق قسمان وهما نفاق أكبر وهو النفاق الإعتقادي، ونفاق أصغر وهو النفاق العملي، فالنفاق الإعتقادي وهو النفاق الأكبر، الذي يُخرج صاحبه من الملة وحقيقته أن يُظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته.

وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه، يظهر الإيمان ويبطن الكفر، تحايلا ومكرا وخديعة، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار، كما قال سبحانه وتعالي في سورة النساء ” إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ” وأما عن النفاق العملي فهو النفاق الأصغر، الذي يتعلق بالعمل دون الاعتقاد ويكونبعمل شيء من أعمال المنافقين، والاتصاف ببعض صفاتهم، وقيل هو إختلاف السر والعلانية في الأعمال دون الإعتقاد، وإن للنفاق العملي علامات وأمارات كثيرة تدل عليه، من ذلك ما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

“آية المنافق ثلاث إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان” وفي رواية لمسلم “آية المنافق ثلاث، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم” وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر” متفق عليه.

 

إختلاف السر والعلانية في الأعمال


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة