إن وراءكم أيام الصبر
إن وراءكم أيام الصبر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن وراءكم أيام الصبر
اليوم : الأربعاء الموافق 24 يوليو 2024
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد ونحن في ظل المستجدات العصرية ووسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة تكثر معها الفتن واختلاط الأمور فعليك أن تعمل جاهدا صابرا عن المعاصي والمحرمات وأن تذل نفسك وتقهرها عن فعل المنكرات وإنك إذا فعلت ذلك مع ما يحيط بك من فتن ومغريات فسيكون لك أجر خمسين من صحابة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم فعن عتبة بن غزوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.
” إن وراءكم أيام الصبر، المتمسك فيهن يومئذ بمثل ما أنتم عليه له كأجر خمسين منكم، قالوا يا نبي الله أو منهم ؟ قال ” لا بل منكم” قالوا يا نبي الله أو منهم ؟ قال ” لا، بل منكم” ثلاث مرات أو أربعا” وفي رواية بزيادة قال صلي الله عليه وسلم، ” إنكم تجدون على الخير أعوانا وهم ولا يجدون” رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه والطبراني واللفظ له، وغير ذلك من الأحاديث التي تدل على فضل الصحابة وعلو منزلتهم وأن المتأخرين مهما بلغوا من العمل لم يصلوا إلى درجتهم في الفضل والرفعة، وقد تكلم العلماء في ذلك فقالوا أن الأجر أجران، أجر العمل وأجر الصحبة، فقد يعمل بعض المتأخرين من الأمة أعمالا أجرها أكبر من أجر من عمل مثلها من بعض الصحابة لقلة الناصر وضعف المعين والفتنة والبلاء.
ولكنهم لا يبلغون أجر صحبة النبي صلى الله عليه وسلم ولقائه، وقال الحافظ ابن حجر في حديث ” للعامل منهم أجر خمسين منكم” لا يدل على أفضلية غير الصحابة على الصحابة لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية، وأيضا فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل فأما ما فاز به من شاهد النبي صلى الله عليه وسلم مِن زيادة فضيلة المشاهدة فلا يعدله فيها أحد، فبهذه الطريق يمكن تأويل الأحاديث المتقدمة، وقد يكون لهم، أي للمتأخرين من الحسنات ما يكون للعامل منهم أي، من الصحابة أجر خمسين رجلا يعملها في ذلك الزمان لأنهم كانوا يجدون من يعينهم على ذلك وهؤلاء المتأخرون لم يجدوا من يعينهم على ذلك لكن تضعيف الأجر لهم في أمور لم يضعف للصحابة لا يلزم أن يكونوا أفضل من الصحابة.
ولا يكون فاضلهم كفاضل الصحابة فإن الذي سبق إليه الصحابة من الإيمان والجهاد ومعاداة أهل الأرض في موالاة الرسول وتصديقه وطاعته فيما يخبر به ويوجبه قبل أن تنتشر دعوته وتظهر كلمته وتكثر أعوانه وأنصاره وتنتشر دلائل نبوته بل مع قلة المؤمنين وكثرة الكافرين والمنافقين وإنفاق المؤمنين أموالهم في سبيل الله ابتغاء وجهه في مثل تلك الحال أمر ما بقي يحصل مثله لأحد كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم “لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه” والخلاصة أن المضاعفة تكون للأعمال أما الصحبة فلا تعدلها أعمال وهذا ما انفرد به الصحابة، وأن الأجر مضاعف مع كثرة الفتن والشهوات التي نعيش فيها الآن فكلما كثرت الشهوات والفتن وتغلب العبد عليها.
كلما كان أكثر أجرا عند الله، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم “العبادة في الهرج كهجرة إليّ ” رواه مسلم، وقال الإمام النووي “المراد بالهرج هنا الفتنة وإختلاط أمور الناس وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها، ويشتغلون عنها ولا يتفرغ لها إلا أفراد” ويدل على ذلك قوله “إنكم تجدون على الخير أعوانا وهم ولا يجدون” فهنيئا لكل من يصبر عن المعاصي وسط هذه الفتن والشهوات، فنحن في هذا الزمان تحيط بنا أعوان المعاصي والشهوات من الدش والنت والفيس والنساء العاريات وغيرهم الكثير من الفتن والمغريات وكلما تمسك الإنسان بدينه وصبر عن المعاصي في وسط هذه الشهوات تضاعف له الأجر حتى يصل إلى أجر خمسين من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، رضي الله عن الصحابة الكرام وجمعنا الله بهم في مستقر رحمته ودار كرامته.
إن وراءكم أيام الصبر
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.