مقالات ووجهات نظر

الإحسان وجبر الخواطر

الإحسان وجبر الخواطر

الإحسان وجبر الخواطر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإحسان وجبر الخواطر

هذا هو رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم وهذا هو تواضعه فلقد ألقى كل أعداء دينه السلاح، ومدوا إليه صلي الله عليه وسلم أعناقهم ليحكم فيها بما يرى، ومعه عشرة آلاف سيف تتوهج يوم الفتح الأعظم فوق رُبى مكةَ، فلم يزد على أن قال صلي الله عليه وسلم لهم ” اذهبوا فأنتم الطلقاء ” بل كان من تواضعه صلي الله عليه وسلم أنه حرم نفسه رؤية النصر الذي أفنى في سبيله حياته، فقد سار صلى الله عليه وسلم في موكب النصر يوم الفتح، فتح مكه، مطأطئا رأسه حتى تعذر على الناس رؤية وجهه الأزهر صلي الله عليه وسلم، مرددا بينه وبين نفسه ابتهالات الشكر المبللة بالدموع، في حياء وتواضع لربه العلي الكبير المتعال، حتى وصل صلي الله عليه وسلم الكعبة، وأعمل في الأصنام معوله.

وهو صلي الله عليه وسلم يقول ” جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا ” وهذا كان من جبر الخواطر، وإن الجبر بالخواطر لها العديد من الأشكال والأمثلة فعندما تشتري من شخص فقير يبيع بضاعة زهيدة فأعطية أكثر من حقة في السلعة وتبسم له وهذا نوع من أنواع جبر الخواطر، وعندما تجد صديقك لديه الكثير من العمل ولن يستطيع أن ينهية وحده فاجلس معه وساعدة وهذا نوع من جبر الخواطر سوف يرد لك في الدنيا والآخرة، وعندما تفاجئ زوجتك أو تفاجئي زوجك بشئ يحبة فهذا أيضا نوع من جبر الخواطر، وعندما تجد طفل فقير في الشارع اهدية قطعة حلوى أو شيكولاته أو بسكوتة سوف يفرح بها كثيرا وهذا نوع من جبر الخواطر، وأن جبر الخواطر هو الإحسان إلى الآخر أو الغير.

وقد جسد النبى صلى الله عليه وسلم، هذه العبادة فى سلوكه، فكان يجبر بخاطر الأرامل واليتامى والاطفال والمساكين، ويتفقد أحوال الرعية، ليجبر بخاطرهم، ويخفف عليهم الأثقال والهموم، وكان يحرص على استشارة صحابته فى كثير من الأمور والمشاورة هنا تعنى جبر الخواطر، والنبى صلى الله عليه وسلم، لا يحتاج لأن يشاور أحدا منهم، ولكن أمره الله تعالى بالمشورة، جبرا لخاطرهم، وامتدت رحمته صلى الله عليه وسلم أنه كان جابرا لخاطر كل من حوله، حتى المخطئ منهم، كان يتحدث عنه بالتورية فيقول صلى الله عليه وسلم “ما بال أقوام” فليتنا نحرص على هذه العبادة بأن نجعل التحية والسلام والإكرام شعارنا، وأن يكون التراحم هو العلاقة السائدة بيننا.

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدا فذا وعابدا منيبا وأبا عطوفا وزوجا ودودا لطيفا وصديقا حميما، وقريبا كريما، وجارا تشغله هموم جيرانه وحاكما تملأ نفسه مشاعر محكوميه ومع هذا كله فهو قائم على أعظم دعوة في التاريخ، وكيف لا وقد رآه الناس في الأيام الأخيرة من حياته وهو يصعد المنبر ويقول صلى الله عليه وسلم ” من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه ” فيقول هذا وهو الذي مات صلى الله عليه وسلم حتى حطمه الناس، ويقول هذا وهو الذي يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، فيقول هذا وهو الزاهد في الدنيا، الذي مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي، وحتى آخر رمق من حياته.

كان صلى الله عليه وسلم رحيما بأصحابه، حريصا على أمته، فقد كان صلى الله عليه وسلم يلفظ أنفاسه الأخيرة ويعالج شدة آلم الموت وسكرته ومع هذا لم ينس أمته، لم ينس أن يوصيها بما ينجيها من عقوبة الله فيقول صلى الله عليه وسلم ” الصلاة الصلاة وماملكت أيمانكم ”

الإحسان وجبر الخواطر


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة