مقالات ووجهات نظر

الإنسان والحرص علي الحياة

الإنسان والحرص علي الحياة

الإنسان والحرص علي الحياة

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

اليوم : الجمعة الموافق 10 نوفمبر 2023

الإنسان والحرص علي الحياة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، إن من الأمور الغيبية المستقبلية التي أخبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بها، ووقعت بعد وفاته وفق ما أخبر به كثيرة، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الصحابة الكرام عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم سيموتوا شهداء، وقد تحقق ما قاله وأخبر به، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على عمر رضي الله عنه قميصا أبيض فقال ثوبك هذا غسيل أم جديد؟ قال لا، بل غسيل، قال البس جديدا، وعش حميدا ومت شهيدا” رواه ابن ماجه، وقد قتل أبو لؤلؤة المجوسي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يصلي الصبح إماما بالمسلمين سنة ثلاث وعشرين للهجرة النبوية.

ليكون مقتله رضي الله عنه علامة من علامات نبوته صلوات الله وسلامه عليه، وأما عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه لما استأذن عليه عثمان رضي الله عنه “ائذن له، وبشره بالجنة على بلوى تصيبه” رواه البخاري، وقد لقي عثمان بن عفان رضي الله عنه ربه شهيدا، وأما علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيموت شهيدا ولعلم ويقين علي رضي الله عنه بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيقتل ويموت شهيدا فإنه ما كان يخاف على نفسه الهلكة من أي مرض يصيبه، فعن أبي سنان الدؤلي أنه عاد أي زار الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في شكوى له شكاها، فقال له “لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه.

فقال لكني والله ما تخوفت على نفسي منه، لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق يقول ” إنك ستضرب ضربة ههنا، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود” رواه الحاكم، ولنعلم جميعا بأن الإنسان حريص على الحياة الدنيا، وحريص أن يطول عمره، ولو استطاع أن يخلد في الدنيا لفعل ولكن الله سبحانه وتعالى قهر العباد بالموت والفناء، فحرص الإنسان على طول حياته في هذه الحياة الدنيا بدون أن يتنبه إلى ما يكتسبه في هذه الحياة، قد يكون عليه طامة كبرى، لأن الإنسان إذا طال عمره وساء عمله، فإن طول العمر بالنسبة لهذا الإنسان نقمة وليس بنعمة، فعمرك إنما هو وعاء لأعمالك فلا تكن حريصا على الوعاء، بدون حرص على ما يحتويه هذا الوعاء، لأن قيمة الوعاء بما يحتويه.

وقيمة عمرك بما تجنيه، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، ودعاء المؤمن بطول العمر في الدنيا، ليس المقصود منه طول المكث فيها فقط، فقد يكون وقتك وعمرك قصيرا، ولكن الخير فيه كثير وكثير جدا، فهذا هو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، في فترة وجيزة من عمره لا تتجاوز السنتين ونصف وهي فترة ولايته وخلافتة، ملأ فيها الأرض عدلا، بعدما ملئت جورا وظلما، والمسلم يعلم أنه لن يدرك الجنة إلا بحسن استثمار فرص العمر بكل أوقاته وأحواله فيما يرضي ربه، لأنه عن كل ذلك سوف يسأل، كذلك يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم” لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتي يسأل عن عمره فيما أفناه؟ وعن علمه فيم فعل؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه؟ وعن جسمه فيما أبلاه؟” رواه الترمذي.

وإنه من السفه والغفلة هو إتلاف الوقت وتبديده، فذلك أشد وأوخم من إتلاف المال وتبذيره، فكل وقت ضائع هو خسارة لجانب من مطالب الدين والدنيا والآخرة، ومن المؤسف المؤلم أن تجد المسلم اليوم أكثر إهمالا وتبذيرا وتبديدا لأوقات عمره الثمينة، وهو على علم ويقين بما ينتظره ليوم القيامة، تلك حال كثير من المسلمين الذين يبيدون الساعات الطوال في المقاهي والملاهي، وألوان الفرجة في الأفلام والمباريات والسهرات، وحول موائد اللعب والقمار وغيرها، لاهين عن ذكر الله، وعن الصلاة، متقاعسين عن صالح الأعمال للدنيا والآخرة، وإذا كان لا مانع من قسط الترفيه والترويح بالضرورة فهو في غير إفراط ولا تفريط.

الإنسان والحرص علي الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى