مقالات ووجهات نظر

الاوراق المنثورة على الطاولة

بقلم/ أحمد الجرف

الاوراق المنثورة على الطاولة

الاوراق المنثورة على الطاولة

الاوراق المنثورة على الطاولة

منذ تولى الرئيس الأمريكي الجديد إدارة البلاد وخرجت علينا تصريحات وخطط وصفها البعض بالغريبة في أحسن التقديرات

 في حين رفضها الكثيرون لغرابة منطقها الدولي والذى لا يرجع الى أية أعراف أو قوانيين منطقية أو دولية في الكثير من الاحيان،

الحقيقة أن القيادة الامريكية الجديدة متمرسة على القيادة من الفترة السابقة لولاية الرئيس ترامب ولا يمكن وصفها بالرعونة أو التخبط لوافد جديد على البيت الابيض .

المختلف هذه المرة هو أن القيادة الامريكية تعتمد نظرية تجارية جديدة في إدارة المواقف الدولية وهى نظرية الأوراق الكثيرة على الطاولة الواحدة تطرح منها ما هو منطقي و ما هو غريب فى النهاية هو مطروح .

تلك النظرية لها الكثير من المزايا للإدارة الجديدة حيث أنها تطرح الموضوعات بصراحة أكبر وأيضا بقوة أكبر مستندة إلى أدوات القوة والهيمنة الامريكية،

سواء القوة الصلبة أو القوة الناعمة أوالقوة التجارية وقوة التواجد في أماكن الإرتكاز العسكري حول العالم وقوة التحالفات القائمة مع الولايات المتحدة الامريكية .

هذه النظرية ليست عشوائية أو وليدة اللحظة ولكنها تقدم كل المطالب دفعة واحدة وتمارس الضغوط دفعة واحدة في جميع الاتجاهات ثم تنتظر النتائج العائدة .

تكون النتائج المتوقعة الموافقة وتحقيق المطالب لبعض المطالب دون إي مجهود فقط عرض وضغط غير مكلف ونتيجة مرجوه .

في حين تظل بعض الإطروحات قابلة للتعديل فقط ولكن تنفذ لاحقاً على أن تبقى بعض الاطروحات صلبة عصية على الحل .

 هذه الإطروحات المرفوضة من الدول تحتاج إلى التفرغ والثقل الأمريكي والمجهود بينما تكون الكثير منها قد تحقق بمجرد الطرح .

إننا أمام لون جديد من القيادة السياسية للعالم تتسم بالصراحة المفرطة تصل فى بعض الاحيان للبجاحة السياسية والتي لا تراعى الحقوق ولاتختار الكلمات أو الموضوعات إنما فقط ترمى بثقل الملفات وتنتظر النتائج الفورية .

غير أن تلك النظرية لها أسس ثابتة في التعامل حيث أنها ببساطة تقيم أوزان ونوعيات الدول وردود الافعال فالدولة التى يكون رد فعلها غير مناسب لوزنها النوعى فى العالم سوف يمارس عليها كل الضغوط بلا هوادة ،

بينما الدول التى تعرف حجمها الإقليمي والنوعي فبمجرد رفضها سيتم تجنب الصدام معها بشكل مؤقت حتى تصفى الملفات السهلة المطروحة على أن تناقش لاحقا ً وهذا يتيح لهذه الدول بعض الوقت .

إن ردود أفعال الدول المعلنة فى هذه المرحلة لا تعبر حقيقة عن موقفها الحقيقي فقط للحفاظ على الهيبة فى المجتمع الدولي بينما تتحرك الدول تحركات حقيقية تحت الضغط بكروت مخفيه لصالحها . 

فمثلاً رفض دولة أوربية كبيرة مثل المانيا لتصريحات الرئيس الأمريكي لا يمثل رفضاً حقيقياً او شكل من أشكال التصادم إنما إثبات لموقف دولي بينما يستمر التعاون والتفاهم خلف الابواب المغلقة .

هذه المرحلة مفصلية للغاية في العالم بين من يتحمل الضغوط اللانهائية وبين من يصطدم من البداية وبين من يتوائم مع الحدث ويتعايش مع الموقف ،

هذه الحالة من الخلخلة هى المقصودة بعينها لإعادة توزيع التحالفات والأعطيات الامريكية والمساعدات والمصالح .

إن ملف القضية الفلسطينية ملف شائك للغاية فهو يدار فى حقيقة الأمر بين النفوذ الفارسى بأذرعه المعروفة في المنطقة وبين النفوذ الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة وهو صراع متفق عليه فى الكثير من الاحيان وبين العالم الشرقى ( روسيا – الصين ) .

بينما تظل باقي دول المنطقة تبحث في كيفية الحفاظ على كياناتها القديمة المهددة فى وقت يتغير فيه كل شيء .

هذه المرحلة صعبة جدآ في كل شيء فالحقيقة أن هذه المرحلة ليست وليدة اللحظة أنما يدار أمرها منذ وقت طويل للغاية،

تحديداً بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وغزو العراق والتواجد الأمريكي العسكري فى المنطقة ثم ما يسمى بثورات الربيع العربي المزعوم

والتي أطاحت بالكثير من الأنظمة المستقرة في العالم العربي وصولا لجماعات العنف المسلح حتى وصل بعضهم الى سدة الحكم فى بعض الدول وآخرها سوريا المسكينة .

إن الحل الوحيد لإدارة تلك المرحلة المعقدة يكمن فى الخطوات الاتية :

.. الملحمة الوطنية والاصطفاف خلف القيادة السياسية والثقة بها .

.. الإلمام بأوراق الضغط المصرية والعربية المتاحة على طاولة المناقشات وأسلوب استغلالها بشكل جيد .

.. التعاون العربي والظهور بشكل موحد تحت قيادة مصر الأمر الذى يمثل ورقة ضغط قوية جدا فى إدارة تلك المرحلة والتخلى عن المواقف الفردية

والذى قدم الموقف بشكل رائع كان ملك الأردن الذى أحياه وأشد على يده فى موقف محترم حين صرح أن مصر لديها ما تقوله وأن الاردن تنتظر موقف مصر وخطتها.

.. رفض كل المخططات الغير مقبولة بشكل قطعي واضح وتقديم البدائل المنطقية .

فى النهاية إن خطط القيادة الأمريكية الجديدة ليست حتمية وقابلة للتغيير متى وجدت الصدام مع المصالح الدولية .

ان الولايات المتحدة تحتاج الى أسواق العالم ومنافذ العالم البحرية وطرق التجارة وطاقة العالم وثروات المعادن في العالم كل تلك المعطيات نمتلك منها نحن العرب الكثير وكلها تمثل نقاط قوة ومحاور للتحرك .

فمتى يدرك العرب مدى قوتهم ومدى تأثيرهم؟؟

.قال الله تعالى :-

( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ  الاية رقم (139) ال عمران .

 

الاوراق المنثورة على الطاولة


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

أحمد حمدي

نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading