مقالات ووجهات نظر

التوبة علم وحال وعمل 

بقلم / محمد الدكروري

التوبة علم وحال وعمل

 

اليوم : الثلاثاء الموافق 17 سبتمبر 2024

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الداعي إلى رضوانه وعلى اله وصحبه وجميع أخوانه، أما بعد عباد الله اتقوا حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون وبعد إن العبادة الشعائرية تنبع قيمتها من العبادة التعاملية، ويعني أنه لا يستمع إلى شيء إلا وفق الوحيين، لا يقبل شيئا يتناقض مع الوحي، ولا يرى شيئا إلا بمقياس الدين، لا يرى الدنيا في أبهى زينتها، بل ويرى ما وراءها كذلك، الموت، لا يرى المعصية وكيف أنها جذابة، بل يرى عقابها فهو يرى بنور الله تعالي، ويستمع إلى كلام يتطابق مع وحي الله، ولا يتحرك حركة بيده إلا في طاعة الله، ولا يمشي إلى مكان إلا في مرضاة الله عز وجل.

ألم يقل الله عز وجل في كتابه ” يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم” ويعني أن أثمن شيء تلقى الله تعالي به قلبك السليم، فما تعريف القلب السليم؟ فهو القلب الذي برئ من شهوة لا ترضي الله، وبرئ من تصديق خبر يتناقض مع وحي الله، وبرئ من أن يفتقر إلى غير الله، وبرئ من أن يحكم غير شرع الله، فهذا القلب السليم، وهذا يحتاج إلى جهد كبير، وكما أمرنا الله تعالي أن نجعل رمضان شهرا خالصا لله عز وجل، ولا نجعله شهرا اجتماعيا، شهر زيارات، وشهر سهرات، وشهر ولائم، وشهر فرفشة، وكما يقول العوام حتى السحور، ونصلي قبل الفجر العشاء، ثم ننام، فاجعل هذا الشهر شهر قرب إلى الله عز وجل، ولا تعبأ بما حولك، ولا تعبأ بالعادات والتقاليد.

التوبة علم وحال وعمل 

فهذه العادات والتقاليد ينبغي أن تكون تحت قدمك إذا تناقضت مع منهج الله عز وجل، وهذه العادات والتقاليد ينبغي أن تكون تحت قدمك إذا حالت بينك وبين الله، وهذه العادات والتقاليد ينبغي ألا تعبأ بها ما دمت راضيا لله عز وجل، وكما ينبغي علينا أيها المسلمون في عبادة الصيام أن نستقبل شهر رمضان بأسلوب يرضي الله عز وجل، وبطريقة وفق منهج الله، ولا أن نتبع التقاليد والعادات التي ألفها مجتمعنا، والتي حجبته عن الله عز وجل، وحجبته عن قطف ثمار العبادة، فإن هناك عبادة الجهلاء وهو ترك الطعام والشراب فقط، وهناك عبادة المؤمنين وهو ترك كل مخالفة لا ترضي الله عز وجل، لكن عبادة الأتقياء ترك ما سوى الله، ورمضان إما أن تدافع التدني، أو أن تتابع الترقي.

وهو فرصة سنوية لا تقدر بثمن لفتح صفحة جديدة مع الله، وفي الحديث الصحيح أنه من صام إيمانا وإحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإن من أنسب الموضوعات قبل رمضان هو موضوع التوبة، والإمام الغزالي رحمه الله يقول “التوبة علم وحال وعمل” وهي علم لأنك إن لم تعرف منهج الله تعالي التفصيلي لم تعرف ذنوبك، وبالتالي لا تتوب منها، فأنت لا تتوب من ذنب إلا إذا عرفت أنه ذنب، لذلك ما لي أرى الناس يغرقون في المعاصي ويقول ماذا نعمل، ما من إنسان إلا ويقول قائلهم أنا مستقيم، والحمد لله، أنا أحب الله، أنا أعمل للجنة، ولا ترى في عمله ما يؤكد ذلك، إما أنه يتجاهل، أو يجهل، على كل إذا أحسنا الظن به يجهل، إذن لا بد من أن يكون لك عمل يحملك على التوبة.

ثم إذا كان هناك علم لا بد من حال الندم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال ” الندم توبة” أما الشيء الخطير في التوبة العمل، فهو الذي يتشعب إلى ثلاث شعب، وهو إصلاح لما صدر منك سابقا، وإصلاح تابوا وأصلحوا، وإقلاع في الحاضر، وعزم في المستقبل ألا يعود المرء إلى هذا الذنب، فعلم وحال وعمل، لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام ” لله أفرح بتوبة عبده من الضال الواجد والعقيم الوالد والظمآن الوارد ” فكل واحد منا عليه أن يعقد العزم على توبة نصوح، وعلى فتح صفحة مع الله ولعل الله سبحانه وتعالى يعتقنا من النار وأن سكننا الجنة مع الأبرار.

 

التوبة علم وحال وعمل


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة