الحكاية في الحدوتة
الحكاية في الحدوتة
بقلم بليغ بدوي
الحكاية في الحدوتة
احكي لي حدوته!
من منا لم يطلب من أمه أو جدته أن تقص عليه حدوته؟! إنها الحدوته التي تجمع الأطفال حول الجدة بجوار الموقد أو تحت البطانية في ليالي الشتاء في ضوء المصباح الخافت. إنها الحدوته التي تساعد الأطفال ليخلدوا في نوم عميق و تتركهم مع أحلامهم. مع تفاصيل الحدوته. كلنا نحتاج الحدوتة الشيقة لكي نساعد مخنا أن يستريح من عبء الحياة و مشكلاتها لنسترخي و نشعر أننا مازلنا اطفال صغار بلا مسئوليات . فلا غرابة أن نري العائلة تلتف حول التلفاز لتتابع حدوتة يجسدها ممثلون محترمون في دراما تلفزيونية هادفة. لأن الحدوتة جمعتنا و نحن صغار و الآن تجمعنا من جديد و نحن كبار. كلنا نعشق الحواديت ، فالحكاية في الحدوتة.
تلعب الدراما التلفزيونية دور هاما في تجميع الأسرة في وقت واحد أمام شاشة تلفاز واحدة ليتابع أفراد الأسرة الواحدة نفس الحدوتة، و تشارك نفس الإثارة و تشترك في نفس الإنفعالات، و تناقش أحداث نفس الحدوتة ، و يسعون بخيالهم ليتوقعوا ماذا سوف يحدث ..يألها من إثارة…كيف تستطيع الحدوتة أن تجمع الأسرة بهذا الشكل ؟! يمتد اثر الحدوتة إلي الشارع و إلى المجتمع بأكمله ، فتشاهد المواطنين علي المقاهي و في النوادي بأعداد كبيرة يتابعون الحدوتة. و يمتد اثر الحدوتة الي خارج حدود المجتمع المحلي للحدوتة إلى المجتمع الخارجي في بلاد الجوار لتتوحد الثقافات، و تقرب المسافات و يزداد الفهم و التفهم بين الشعوب لتتلاشي صعوبة اللهجات و يفهم الجميع الجميع ليتحدثوا نفس اللهجة بإتقان و فهم…. ما اعظم الدراما الهادفة!
علي صناع الدراما التلفزيونية أن يراعوا الله و ان ينتبهوا لتأثير الدراما علي المجتمع، و أن يتخيروا الحدوتة ، و أن يتحروا اللغة التي يستخدمها الشخصيات ، و أن يطعموا الدراما بالمثل و القيم و المغزي الأخلاقي الذي يدعم الهوية و يبني الشخصية و يراعي قيم المجتمع و خصوصية ثقافته. كم من أعمال فنية أفسدت الذوق العام و كانت سببا لظهور سلوكيات غريبة علي مجتمعنا و نشرت لغة و مصطلحات و مفردات لغوية سيئة لم نعرفها قبل ذلك! علي النقيض مازلنا نتذكر أعمال فنية رائعة جمعتنا و لم يخجل الأب أن تشاهد ابنته أو زوجته تلك الأعمال لانه كان علي ثقة أن هناك رقابة واعية على تلك الأعمال، و أنها حريصة علي عدم خدش الحياء العام أو تشويه الذوق العام. و أنها كانت تعرف جيدا أن الدراما زائر تفتح له كل أبواب البيوت، و علي الزائر ان يكون اديب يحترم حرمة البيوت.
الحكاية في الحدوتة
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.