
بقلم الدكتورة ثناء العمدة

كأنَّ قلبي سفينةٌ في اللُّجِّ تَعتَصِمْ،
تتأرجحُ بينَ موجٍ، وشوقٍ، وندمْ.
لا شِراعَ لي سوى الأملِ يُرافقُني،
ولا مِرسى لقلبي… غيرُ بحرِ هرم.
ناديتُ صمتَ البحرِ: هل من برهة؟
لأستريح من تعب السفر
فأجابني بصدى الغيابِ، وبالسَّدَمْ.
أنا يا بحرُ أنثى من ماءِ القصيد،
خلقتُ من الوجعِ لؤلؤًا،
ومن العتمةِ صرحًا مَشِيدًا بالعزيمةِ، والدُّرَرِ
وفي صدري وطنٌ صغيرٌ دافئٌ،
تغفو به أحلامُ طفلٍ… لم يُتَمّمِ الحُلُم.
وفي عيوني مساءٌ ضاعَ شروقُهُ،
ولا الغروبُ بدا، ولا بانَ السَّحَرُ
علّني أجدُ في الغيمِ مرفأَ راحةٍ،
أو في الدعاءِ طريقَ مَن لا يُنهَزَمْ.
أو في الحنينِ قمر ينيرُ دربي،
حينَ يضيعُ القلبُ في زحامِ المدن.
فإنْ عصفتْ بيَ الأيامُ ثانيةً،
فلن أنكسرْ مهما تعالتِ النِّقَمْ.
علّمتني الرياحُ أنَّ الثباتَ بطولةٌ،
وأنَّ بعدَ الجُرحِ يولدُ الأمل.
سأمضي، ولو صارَ دربي رمادًا،
وأزرعُ فيهِ نجمةً فوقَ العَدَمْ.
وأصنعُ من خوفي جناحينِ للرجا،
ومن دمعي نهرَ يقينٍ وكرمْ.
فما خُلِقتُ لأغرقَ في العاصفة،
بل لأكونَ الدرسَ حينَ يُختَتَمْ.
ولتشهَدِ البحارُ أنّ سفينتي،
قد نجَتْ، لأنّها آمنَتْ رغمَ الألَمْ.
الدكتورة ثناء العمدة تكتب ( أنثى البحر )
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



