الدكروري يكتب عن إمرأة بني إسرائيل الذكية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن إمرأة بني إسرائيل الذكية
إن الدين الإسلامي الحنيف يحثنا علي العمل والسعي في أرض الله لطلب الرزق الحلال وكما يحثنا علي الجد والإجتهاد والإتقان والإحسان في كل شيء، والمتتبع لنصوص الوحي الشريف، يرى كيف أن هذا الدين القويم يربي في قلوب أتباعه تلك الهمم لتصل بهم لعالي القمم ومعالي القيم، فإذا سألتم الله الجنة، فاسألوه الفردوس الأعلى، فهل تأملت هذا الدرس؟ وربيت به النفس؟ فالفرصة إذا فاتت منك وتفلتت من بين يديك في غير عمل صالح فستندم ندما لا ينقطع ولقد أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى أن الذي لا ينتهز فرصة الحياة ولا يغتنم أوقات النفحات ستصيبه الحسرات ولا ينفعه الندم قال تعالى ” أن تقول نفس يا حسرتي علي ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين، أو تقول حين تري العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين”
وإن الحسرة هي الندامة الشديدة، فهذا الإنسان الذي لم ينتهز فرصة حياته وظل على تفريطه وتقصيره وتضييعه ندم ندما شديدا، وتحسر تحسرا عظيما على هذه الفرصة التي أضاعها ويريد حين عاين خسارته وتيقين من بوار نفسه أن تتهيأ له هذه الفرصة مرة أخرى حتى يحسن التعامل مع الحياة، ولكن هيهات، فكثير من الفرص قد لا تتكرر وقد لا تعوض أبدا، وقيل أنه مر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بسوق المدينة، والناس مشغولون ببيعهم وشرائهم، فأراد أن يذكرهم بقيمة الدنيا وألا تلهيهم تجارتهم عن تجارة الآخرة، فمرّ بجدي أسكّ ميت، أي صغير الأذنين، فاغتنم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الفرصة فتناوله فأخذ بأذنه ورفع صوته يُزاود على بيعه.
فقال ” أيكم يُحب أن هذا له بدرهم؟ أيكم يُحب أن هذا له بدرهم؟ أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا ما نحب أنه لنا بشيء وما نصنع به؟ فقال صلى الله عليه وسلم أتحبون أنه لكم؟ قالوا والله لو كان حيّا كان عيبا فيه لأنه أسك فكيف وهو ميت، فقال صلى الله عليه وسلم فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم” رواه مسلم، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فأكرمه، فقال له ” ائتنا ” فأتاه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” سل حاجتك ” قال ناقة نركبها، وأعنز يحلبها أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل؟ ” قالوا يا رسول الله وما عجوز بني إسرائيل؟ فقال صلي الله عليه وسلم ” إن موسى عليه السلام لما سار ببني إسرائيل من مصر ضلوا الطريق، فقال ما هذا؟
فقال علماؤهم إن يوسف عليه السلام لما حضره الموت، أخذ علينا موثقا من الله، أن لا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا ” أي بدنه، وهو من باب إطلاق الجزء ويراد به الكل، فالأنبياء لا تأكل الأرض أجسادهم كما صح بذلك الخبر عن خير البشر صلي الله عليه وسلم، قال فمن يعلم موضع قبره؟ قال عجوز من بني إسرائيل، فبعث إليها، فقال نبي الله موسي عليه السلام لها دليني على قبر يوسف، قالت حتى تعطيني حُكمي، قال وما حكمك؟ قالت أكون معك في الجنة، فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها، فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقع ما، فقالت انظبوا هذا الماء، فأنظبوه، فقالت احتفروا، فاحتفروا، فاستخرجوا عظام يوسف، فلما أقلوه إلى الأرض فإذا الطريق مثل ضوء النهار، فهل رأيت الفرق الواسع والبون الشاسع بين من يريد أعنزا يحلبها وناقة يركبها، وبين من تريد مرافقة الرسول في الجنة؟ إنها الهمة العالية، فقط.
الدكروري يكتب عن إمرأة بني إسرائيل الذكية
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.