مقالات ووجهات نظر

الدكروري يكتب عن الفتن وضياع الدين

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن الفتن وضياع الدين

لقد ذكر الإمام ابن الجوزي عن نموذجا مشرقا من حياة أحد شيوخه، وهو الإمام أبو الوفاء ابن عقيل، فقال وكان دائم الاشتغال بالعلم حتى إني رأيت بخطه، إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة أعمل فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين، ويذكر أن الشيخ جمال الدين القاسمي رحمه الله مرّ بمقهى، فرأى رواد المقهى وهم منهمكون في لعب الورق والطاولة وشرب المشروبات، ويمضون في ذلك الوقت الطويل, فقال رحمه الله “لو كان الوقت يشترى لاشتريت من هؤلاء أوقاتهم”

 

إذن هي الهمّة وليست السنين، فإن أردنا ان نبني وطنا جديدا، فلنحذر من الفتن، فإن الفتن الآن كثيرة ولا أبالغ إن قلت إننا نعيش الآن فعلا زمان الفتن، ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال ” أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قضم من قضام المدينة، ثم قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه “هل ترون ما أرى؟ إني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع القطر” وهذا في عهد الصحابة، فهذه الفتن الكثيرة التي ربما يفقد الإنسان فيها دينه بين عشية وضحاها، كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال “بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا” يضيع دينه في عشية واحدة.

 

ويبيع دينه من أجل دنيا حقيرة زائلة، ويبيع دينه من أجل دنيا غيره يبيع دينه بعرض من الدنيا، فالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يحذرنا من أن ننهض لهذه الفتن أو أن نمشي فيها أو أن نوقظها، فالفتن نائمة لعن الله من أيقظها ولعن الله من أشعل نارها، فإن الفتن لا يُسمع فيها إن اشتعلت نيرانها،لا يُسمع فيها صوت العلماء، ولا صوت الحكماء ولا صوت العقلاء، لإن العلماء يرون الفتن قبل أن تقع ويحذرون منها، أما الجهلاء ورعاع القوم لا يتحدثون عن الفتن إلا بعد رحيلها بعد ما تدمر الأخضر واليابس، لذا يقول النبى صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه “ستكون فتن” اللهم اعصمنا منها يا أرحم الراحمين.

 

” ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ومن تشرف لها تستشرفه” يعني من عرض نفسه لها ستهلكه الفتن، وإن الفتن تدمر الدين ويفقد فيها الإنسان دينه، والفتن تدمر البلد وتحرق الوطن ويقول تعالى “وجعلنا بعضكم لبعض فتنة” أتصبرون؟ وقال تعالى ” وكان ربك بصيرا” وهو سبحانه وتعالى القائل ” ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون”

 

الدكروري يكتب عن الفتن وضياع الدين


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة