مقالات ووجهات نظر

الدكروري يكتب عن الكريم ابن الكريم

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن الكريم ابن الكريم

لقد تعرض نبي الله يوسف عليه السلام لاسترقاق رقبته، فيباع ويشترى، وهو نبي ابن نبي، الكريم بن الكريم، بل ولما قد يكون أشدة فتنة من ذلك، وهو العيش في داخل قصر الملك، ويبتلى بعد ذلك ليوقع في عفافه وسلوكه، فيعافيه الله من ذلك، ويهدد بعد بالسجن إن لم يفعل ما طلبته منه امرأة العزيز ذات المنصب والجمال، فيأبى، ويبقى على عفافه وطهره، ورغم ظهور نزاهته وصدقه يأبى الفجور والطغيان كما هي عادته، إلا أن يتمادى في غيه، وذلكم تغطية للكذب لما ادعي به عليه، فإن هذه الفتنة التي حصلت للكريم بن الكريم، وهي مراودة امرأة العزيز له، وتفهموا خطورة وجود الرجل الأجنبي في محيط النساء، وهنا أود أن أهمس في أذن من مكنوا السائقين من ولوج بيوتهم والتردد عليها في غيبتهم.

 

بحجة إيصال الحاجيات أو الذهاب بالنساء، أو أولئك المزارعين الذين يجعلون نساءهم يختلطن بالعمال عند قطف المحاصيل أو غير ذلك، أقول لهم تذكروا هذه القصة، وأنه “ما خلا رجل بامرأة، إلا كان الشيطان ثالثهما” ومَن مِن هؤلاء كطهر يوسف وعفافه؟ فمن منهم سيقول معاذ الله، إنه ربي أحسن مثواي؟ أين من لا يبالون بالاختلاط بين الجنسين؟ أين من يرمون بناتهم في مجامع الرجال؟ أما يتقون الله ويحفظون أعراضهم ويبعدون الأجانب عن بيوتهم؟ ولقد كان يوسف عليه الصلاة و السلام أثناء محنته يعيش هم الدعوة إلى الله، مهتما بترسيخ التوحيد الخالص في النفوس، الذي هو وظيفته ووظيفة آبائه من قبل، فقال سبحانه وتعالى فى سورة يوسف.

 

” واتبعت ملة آبائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون، يا صاحبى السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآبائكم ما أنزل الله بها من سلطان، إن الحكم إلا لله، أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون” وكان بعد هذه المحن العظمى، محنة التآمر على يوسف بالقتل التي خففت إلى إلقائه بالبئر، ومحنة تعرضه للاسترقاق، ومحنة ابتلائه في عفافه، ومحنة لبثه في السجن بضع سنين، وبعد هذا كله تظهر براءته عليه السلام، ثم يعلي الله شأنه وأمره، وقد امتلأت قصة نبى الله يوسف عليه السلام بالعبر والمعاني.

 

التي ترفع من المستوى الإيمانى والأخلاقى والسلوكى للمؤمن، وقد ارتكزت هذه القصة على ثلاث محاور أساسية، وهي الثقة بتدبير الله، والصبر على المصيبة، وترك اليأس، فيتوكل العبد على الله سبحانه وتعالى ويعلم أن كل ما يحصل له فيه حكمة قد يعلمها وقد تخفى عنه، وهو في ذلك كله صابر محتسب متوكل على الله سبحانه وتعالى ومستسلم لقضائه وقدره، وهو لا ييأس من تنزل رحمة الله تعالى عليه، فيُبقي اتصاله بالله تعالى ودعاءه له حاضرا، كما يشكر الله تعالى دائما، ويرجع الفضل له أولا وآخرا.

 

الدكروري يكتب عن الكريم ابن الكريم


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة