مقالات ووجهات نظر

الدكروري يكتب عن الهمم العالية كنوز غالية

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن الهمم العالية كنوز غالية

إن الله عز وجل خلق الإنسان في هذه الحياة الدنيا وأوجده من عدم لعبادتة عز وجل وتقديسة، وجعل سبحانه وتعالي للإنسام أوقات وأيام مباركات فيها العمل الصالح أحب إليه من غيرها، وإن غفلة المرء عن استثمار الفرص المتاحة أمامه أو عدم مبادرته إلى اقتناصها قبل أن تزول يعود في الغالب إلى أمرين، وهو غياب الهدف، فالفرص هي مركب المرء وأداته لتحقيق أهدافه، فكيف يبحث عن مركب أو يقتني أداة من لا هدف لديه يسعى لتحقيقه ولا غاية؟ وأيضا السلبية وضعف الجدية والشعور المتدني بالمسؤولية تجاه النفس أو الأمة ، ومن ضعف الباعث لديه ولم يملك قلبا يحترق لإسعاد نفسه وإصلاح أمته امتطى بوابة التسويف والكسل وتوانى عن صعود الصعاب وتحمل مشاق ارتقاء المكاره.

 

وإن كل فرصة في الخير فهي مغنم مهما صغر حجمها وقلّ وزنها، فاتقوا الله ولو بِشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة، ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس” رواه مسلم، وإن من فضل الله عز وجل علينا أن جعل الفرص قائمة حتى آخر ساعة، فقال صلى الله عليه وسلم “إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل” رواه أحمد، وإن الأنصار جاءوا إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطلبوا أمرا دنيويا، وهذا طلب مشروع ولا غضاضة فيه، إلا أنهم لما طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر رأوا أمامهم فرصة أعظم.

 

وعطية أثمن ربما لا يتهيأ لهم مثلها في حياتهم، فكانت أمامهم فرصتان، فرصة تلبية طلبهم الذي جاءوا من أجله، وفرصة مغفرة الله لهم ورضاه عنهم ودخولهم الجنة، فماذا يفعلون ؟ إنهم لم يترددوا ولم يختلفوا ولم يتوانوا في انتهاز الفرصة وجني ثمرتها، وذلك لعلمهم أن الدنيا متاع قليل وظل زائل، ولذا كانت اختياراتهم محسومة، فطلبوا من النبي صلي الله عليه وسلم أن يدعو لهم بالمغفرة، فدعا بالمغفرة لهم ولأبنائهم ولأبناء أبنائهم، وبذلك سعد هؤلاء وأولادهم سعادة لا شقاء بعدها أبدا، وهكذا المسلم الفطن يعلم أن الحياة فرصة فلابد أن تغتنم، وساعة مواتية فلا يصح أن تضيع هباء، وأن هناك فرصا لا يمكن تعويضها، فمن هذه الفرص العظيمة، هي وجود الوالدين، فالوالد أوسط أبواب الجنة.

 

فإن شئت فحافظ على الباب أو ضيعه، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال “رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل من يا رسول الله؟ قال مَن أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة” رواه مسلم ، فيا حسرة مَن مات والداه أو أحدهما ولم يغتنم فرصة برهما، فإن رضا الرب عز وجل في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين، وإن الهمم العالية كنوز غالية يمتن بها المنان على من يشاء من بني الإنسان، فطوبى لمن أولاه مولاه تلك الهمة العالية والعزيمة الوثابة والإرادة الماضية، فما آفة المحق إلا التردد والتذبذب، والتخاذل والفتور، والرضى بتوافه الأشياء ومحقرات الأمور.

 

 

الدكروري يكتب عن الهمم العالية كنوز غالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى