مقالات ووجهات نظر

الدكروري يكتب عن اليهود تسأل والرسول يجيب

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن اليهود تسأل والرسول يجيب

روي عن عقبة بن عامر، فى حديث ضعيف، أن نفرا من اليهود جاءوا يسألون النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين، فأخبرهم بما جاءوا له ابتداء، فكان فيما أخبرهم به ” أنه كان شابا من الروم، وأنه بنى الإسكندرية، وأنه علا به ملك في السماء، وذهب به إلى السد، ورأى أقواما وجوههم مثل وجوه الكلاب ” وفي هذا الحديث طول ونكارة، ورفعه لا يصح، وأكثر ما فيه أنه من أخبار بني إسرائيل، وهذا الحديث فيه من النكارة أنه من الروم، وإنما الذي كان من الروم الإسكندر الثاني ابن فيليبس المقدوني، الذي تؤرخ به الروم، فأما الأول فقد ذكره الأزرقي وغيره أنه طاف بالبيت مع نبى الله إبراهيم الخليل عليه السلام ، أول ما بناه وآمن به واتبعه، وكان معه الخضر عليه السلام.

 

وأما الثاني فهو إسكندر بن فيليبس المقدوني اليوناني، وكان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف المشهور، والله أعلم، وهو الذي تؤرخ به من مملكته ملة الروم، وقد كان قبل المسيح عليه السلام بنحو من ثلاثمائة سنة، فأما الأول المذكور في القرآن الكريم فكان في زمن الخليل ابراهيم عليه السلام، كما ذكره الأزرقي وغيره، وأنه طاف مع الخليل بالبيت العتيق لما بناه إبراهيم عليه السلام وقرب إلى الله قربانا، وقال وهب بن منبه كان ملكا، وإنما سمي ذا القرنين لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس، قال وقال بعض أهل الكتاب لأنه ملك الروم وفارس، وقال بعضهم كان في رأسه شبه القرنين، وقال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل قال سئل علي رضي الله عنه، عن ذي القرنين.

 

فقال كان عبدا ناصح الله فناصحه، دعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه فمات، فأحياه الله، فدعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه فمات، فسمي ذا القرنين، ويقال إنه إنما سمي ذا القرنين لأنه بلغ المشارق والمغارب من حيث يطلع قرن الشمس ويغرب، وقوله تعالى “إنا مكنا له في الأرض” أي أعطيناه ملكا عظيما متمكنا، فيه له من جميع ما يؤتى الملوك من التمكين والجنود وآلات الحرب والحصارات، ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض ودانت له البلاد، وخضعت له ملوك العباد، وخدمته الأمم من العرب والعجم ولهذا ذكر بعضهم أنه إنما سمي ذا القرنين لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها، وقوله تعالى” وآتيناه من كل شيء سببا” فقال ابن عباس رضى الله عنهما يعني علما.

 

وقيل أيضا يعنى منازل الأرض وأعلامها، وقيل أيضا تعليم الألسنة، فكان لا يغزو قوما إلا كلمهم بلسانهم، وقيل أن معاوية بن أبي سفيان قال لكعب الأحبار أنت تقول إن ذا القرنين كان يربط خيله بالثريا ؟ فقال له كعب إن كنت قلت ذلك، فإن الله تعالى قال “وآتيناه من كل شيء سببا” وهذا الذي أنكره معاوية رضي الله عنه، على كعب الأحبار هو الصواب، والحق مع معاوية في الإنكار، فإن معاوية كان يقول عن كعب ” إن كنا لنبلو عليه الكذب ” يعني فيما ينقله لا أنه كان يتعمد نقل ما ليس في صحيفته ولكن الشأن في صحيفته، أنها من الإسرائيليات التي غالبها مبدل مصحف محرف مختلق ولا حاجة لنا مع خبر الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى شيء منها بالكلية.

 

فإنه دخل منها على الناس شر كثير وفساد عريض، وتأويل كعب قول الله تعالى “وآتيناه من كل شيء سببا” واستشهاده في ذلك على ما يجده في صحيفته من أنه كان يربط خيله بالثريا غير صحيح ولا مطابق فإنه لا سبيل للبشر إلى شيء من ذلك، ولا إلى الترقي في أسباب السماوات.

 

 

الدكروري يكتب عن اليهود تسأل والرسول يجيب


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة