مقالات ووجهات نظر

الدكروري يكتب عن جواز استعمال الحيل والمكائد 

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن جواز استعمال الحيل والمكائد

لقد كانت من الفوائد المستفادة من قصة نبي الله يوسف عليه السلام هو جواز استعمال الحيل والمكائد التي يتوصل بها إلى حق من الحقوق الواجبة والمستحبة أو الجائزة، كما استعمل نبى الله يوسف عليه السلام ذلك مع أخيه حيث وضع السقاية في رحل أخيه، ثم أذن مؤذن بعد رحيلهم ” أيتها العير إنكم لسارقون ” إلى قوله تعالى كما جاء فى سورة يوسف ” فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك ” وإن من الفوائد أيضا هو استعمال المعاريض عند الحاجة إليها، فإن في المعاريض مندوحة عن الكذب، وذلك من وجوه ومنها قوله ” ثم استخرجها من وعاء أخيه ” ولم يقل سرقها وكذلك قوله ” معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ”

 

ولم يقل من سرق متاعنا، وإذا قيل، إن هذا اتهام للبريء، بل قيل إنما فعل ذلك بإذن أخيه ورضاه، وإذا رضي، زال المحذور، وإن من الفوائد أيضا هو أن الإنسان لا يحل له أن يشهد إلا بما يعلم، لقولهم ” وما شهدنا إلا بما علمنا ” وإن العلم يحصل بإقرار الإنسان على نفسه وبوجود المسروق ونحوه معه، وفي يده أو رحله، وإن من الفوائد أيضا هو هذه المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام، حيث قضى بالفراق بينه وبين يوسف عليه السلام هذه المدة الطويلة، التي يغلب على الظن أنها تبلغ ثلاثين سنة فأكثر، وهو في هذه المدة لم يفارق الحزن قلبه، وهو دائم البكاء حتى ابيضت عيناه من الحزن، وفقد بصره، وهو صابر لأمر الله، محتسب الثواب عند الله تعالى، قد وعد من نفسه الصبر.

 

ولا شك إنه وفى بذلك، ولا ينافي ذلك قوله ” إنما أشكو بثى وحزنى إلى الله ” فإن الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، وإنما ينافي الصبر الشكوى إلى المخلوق، وإن من الفوائد أيضا هو أن الفرج مع الكرب، فإنه لما اشتد الكرب بيعقوب وقال ” يا أسفى على يوسف ” وقال ” يا بنى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ” وهم حين دخلوا على يوسف عليه السلام، وقفوا بين يديه موقف المضطر، فقالوا ” يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة ” أي قليلة حقيرة، لا تقع الموقع، فأوف لنا الكيل ” وتصدق علينا إن الله يجزى المتصدقين ” فحينئذ لما بلغ الضر منتهاه من كل وجه عرفهم بنفسه، فحصل بذلك البشارة الكبرى لأبويه وإخوته وأهلهم.

 

وزال عنهم الضر والبأساء، وخلفه السرور والفرح والرخاء، ومن تلكم القصص قصة نبي الله يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، التي قال الله تعالى فيها ” نحن نقص عليك أحسن القصص ” فهى قصة ذلكم الشاب المتمسك بدينه، العاض عليه بالنواجذ، الذي كيد له منذ نعومة أظافره وريعان شبابه ممن يفترض منهم ولايته ونصرته، وظلم ذوي القربى أشد مرارة على المرء من وقع الحسام المهند فقد تم التآمر عليه من أقرب الناس إيه وهو إخوته، فيلقونه في البئر، ويرحمه الله تعالى من الآفات، ويطمئنه مولاه بظهوره عليهم.

 

الدكروري يكتب عن جواز استعمال الحيل والمكائد


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة