الدكروري يكتب عن معاذ يعلم أهل المدينة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن معاذ يعلم أهل المدينة
لقد ذكرت المصادر التاريخية أنه حينما فتح النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مكة، ولى عليها عتاب بن أسيد، وترك معه الفتى معاذ بن جبل ليفقه أهلها ويعلمهم أمور دينهم، وبعدها أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ليعلم أهلها القرآن وتعاليم الإسلام، وقد خرج النبى صلى الله عليه وسلم ليودعه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسير على قدميه ومعاذ راكب على راحلته، وأخذ يحدثه ويوصيه، حتى قال له “يا معاذ، إنك عسى ألا تلقانى بعد عامي هذا، ولعلك تمر بمسجدي وقبرى” فبكى معاذ كثيرا، فعاد معاذ إلى المدينة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد انتقل إلى جوار ربه، وفى خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بعثه الفاروق عمر سفيرا للإسلام إلى بلاد الشام، وهناك التف حوله أهل الشام.
وحظى باحترامهم وتقديرهم، وعن طارق بن عبد الرحمن قال وقع الطاعون بالشام فاستغرقها فقال الناس ما هذا إلا الطوفان إلا أنه ليس بماء، فبلغ معاذ بن جبل فقام خطيبا فقال إنه قد بلغني ما تقولون وإنما هذه رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وكموت الصالحين قبلكم، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك أن يغدو الرجل منكم من منزله لا يدرى أمؤمن هو أو منافق، وخافوا إمارة الصبيان، وعن عبد الله بن رافع قال، لما أصيب أبو عبيدة بن الجراح فى طاعون عمواس استخلف على الناس معاذ بن جبل واشتد الوجع فقال الناس لمعاذ بن جبل ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز فقال إنه ليس برجز ولكنه دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم وشهادة يختص الله بها من يشاء من عباده منكم، أيها الناس أربع خلال.
من استطاع منكم أن لا يدركه شيء منها فلا يدركه شيء منها، قالوا وما هن قال يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر، ويقول الرجل والله لا أدري علام أنا؟ لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة، ويعطى الرجل من المال مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله، اللهم آت آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة، فطعن ابناه فقال كيف تجدانكما؟ قالا يا أبانا “الحق من ربك فلا تكونن من الممترين” قال وأنا ستجداني إن شاء الله من الصابرين، ثم طعنت امرأتاه فهلكتا وطعن هو في إبهامه فجعل يمسها بفيه ويقول ” اللهم إنها صغيرة فبارك فيها فإنك تبارك في الصغيرة حتى هلك” واتفق أهل التاريخ أن معاذ بن جبل مات في طاعون عمواس بناحية الأردن من الشام سنة ثماني عشرة.
واختلفوا في عمره على قولين أحدهما هو ثمان وثلاثون سنة، والثانى هو ثلاث وثلاثون، وقد أسلم معاذ بن جبل وعمره ثمانى عشر سنة، وشهد بيعة العقبة الثانية، وهو شابا أمردا لم تنبت لحيته بعد، ولما أسلم تولى معاذ مع ثعلبة بن عنمة، وعبد الله بن أنيس تكسير أصنام بنى سلمة، ولما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم، آخى بين معاذ وعبد الله بن مسعود، وقد شهد معاذ بن جبل غزوة بدر وعمره عشرون سنه أو قيل واحد وعشرون سنة، ثم شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم، باقي المشاهد كلها، ولما فتح النبى صلى الله عليه وسلم، مكة فى رمضان فى السنة الثامنه من الهجرة، استخلف عليها عتاب بن أسيد يصلى بهم، وخلف معاذا يقرئهم القرآن، ويفقههم في دينهم ثم بعثه فى ربيع الآخر فى السنة التاسعة من الهجرة عاملا له على بعض نواحى اليمن ثم عاد.
الدكروري يكتب عن معاذ يعلم أهل المدينة
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.