مقالات ووجهات نظر

الرجوع إلى ذواتنا ومحاسبة أنفسنا

الرجوع إلى ذواتنا ومحاسبة أنفسنا

الرجوع إلى ذواتنا ومحاسبة أنفسنا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الرجوع إلى ذواتنا ومحاسبة أنفسنا

اليوم : الثلاثاء الموافق 5 يونية 2024

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لاند له ولا شبيه ولا كفء ولا مثل ولانظير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله ربه رحة للعالمين وحجة على العباد أجمعين وصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ما ذكره الذاكرون الأبرار وما تعاقب الليل والنهار فهو صلى الله عليه وآله وسلم أفضل من صلى وصام ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام فصلوات الله وسلامه عليه وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين ثم اما بعد قيل في زمن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى كان الإمام أحمد بن حنبل يريد أن يقضي ليلته في المسجد.

ولكن مُنع من المبيت في المسجد بواسطة حارس المسجد، حاول معه الإمام ولكن لا جدوى، فقال له الإمام سأنام موضع قدمي، وبالفعل نام الإمام أحمد بن حنبل مكان موضع قدميه، فقام حارس المسجد بجرّه لإبعاده من مكان المسجد، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخا وقورا تبدو عليه ملامح الكبر، فرآه خباز، فلما رآه يُجرّ بهذه الهيئة، عرض عليه المبيت، وذهب الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز، فأكرمه ونعّمه، وذهب الخباز لتحضير عجينة لعمل الخبز، المهم أن الإمام أحمد بن حنبل سمع الخباز يستغفر ويستغفر، ومضى وقت طويل وهو على هذه الحال، فتعجب الإمام أحمد بن حنبل، فلما أصبح سأل الإمام أحمد الخباز عن استغفاره في الليل، فأجابه الخباز بأنه طوال ما يحضر عجينه ويعجن، فهو يستغفر، فسأله الإمام أحمد وهل وجدت لاستغفارك ثمرة؟

فقال الخباز نعم والله، ما دعوت دعوة إلا أجيبت، إلا دعوة واحدة، فقال الإمام أحمد وما هي؟ فقال الخباز رؤية الإمام أحمد بن حنبل فقال الإمام أحمد، أنا أحمد بن حنبل، والله إني جُررت إليك جرّا، فجدوا واجتهدوا في هذه الأيام المباركة، واحذروا المعاصي والآثام لأن المعاصي تحرم المغفرة في موسم الرحمة، فكما أن المعاصي سبب البعد والطرد من رحمة الله وخيره وبركته، فإن الطاعات وسيلة القرب والرضوان وتحقيق الآمال، فالغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة، نسأَل الله أن يوفقنا أن نقدم في هذه الأيام أعمالا صالحة، فقدروا نعمة الله عليكم أن جعل لكم مواسم تستكثرون فيها من الأعمال الصالحة التي تقربكم إليه، وتنالون بها زلفى إليه، وإنه لابد لكل من أراد الصلاح والإصلاح من جلسة عتاب للنفس تحصيلا للأنس وهروبا من الرجس.

وحملا لها على الإقلاع والنزوع فبعد العتاب يكون الرجوع، فما أحوجنا إلى الرجوع إلى ذواتنا ومحاسبة أنفسنا لأن حالتنا تستدعى ذلك فكلما خرجنا من ذنب دخلنا في ذنب وكلما تخلصنا من عتب تحصلنا في عتب وكلما نزلنا من مركب في الجفاء امتطينا مركبا وكلما فارقنا مذهبا في التمرد استأنفنا مذهبا فما ندري كيف نعالج هذا الارتجاج ونقوم هذا الاعوجاج؟ ولا ندرى بماذا نداوى هذا الداء الدوى ونقاوم هذا الخصم القوى؟ ولقد كان من دأب العرب في الجاهلية أنهم إذا أصيبوا بمكروه أو مرت بهم مصيبة، عزوها إلى شؤم غيرهم ونسبوها إلى سبب من الأسباب الخارجة عن أنفسهم، فكانوا دائما يرون أن المصائب التي تمر عليهم إنما هى من شؤم كذا وكذا ولا يرجعون شيئا منها إلى أنفسهم.

حتى إذا أكرمهم الله بالإسلام وببعثة سيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم فقوّم هذا التصور الأخرق الذى كانوا ينطلقون منه فأنزل الله عز وجل فيما أنزل تصحيحا لعاداتهم وتقويما لتصوراتهم.

 

الرجوع إلى ذواتنا ومحاسبة أنفسنا


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة