الصعوبة الحقيقية في الإعتذار
الصعوبة الحقيقية في الإعتذار
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الأثنين 30 أكتوبر
الصعوبة الحقيقية في الإعتذار
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالَمين وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد فإن الصدق من الفضائل الهامة التي يتمثلها الإنسان تجعله لا يكذب أبدا مهما كانت الظروف والمبررات إلا في المواقف التي سمح فيها الشرع بالكذب والتي حددها لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهى الإصلاح بين المتخاصمين وفى الحرب والرجل على زوجته لتدوم العشرة بينهما، وروي عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال “ما يحملكم على أن تتابعوا على الكذب كما يتتابع الفراش في النار، كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا رجل كذب في خديعة حرب، أو إصلاح بين اثنين، أو رجل يحدث امرأته ليرضيها” رواه احمد.
وقد أشاد الإسلام بالخلق الحسن ودعا إلى تربيته في المسلمين وتنمية نفوسهم وفى ذلك نجد الحق تبارك وتعالى قد أثنى على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بحسن خلقه فقال ” وإنك لعلى خلق عظيم ” وروي عن ابن عمرو “أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة؟ قالوا نعم يا رسول الله قال ” أحسنكم خلقا” رواه احمد، وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر فقال يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال بلى يا رسول الله قال عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلها” وإن الصحابة الكرام كان الحق مرادهم وغايتهم.
والوصول إلى الصواب سعيهم وطلبهم، فإذا ما ظهر هذا الحق، اتبعوه وانقادوا إليه، بكل يسر وسهولة، وتركوا ما كانوا عليه من الاجتهاد الذي بدا لهم عدم صوابه، فلم يتعصبوا لرأي، ولم يتحجروا لمذهب أو اجتهاد، ما دام القرآن والسنة الحكم والفيصل بينهم، وإن الاعتذار شاق على كثير من الناس، وقليل من يستسيغه ويتحمله وخاصة بين من يعتدون بأنفسهم، ممن نشؤوا منذ نعومة أظفارهم على الأثرة والترفع، فيصعب عليهم جدا أن تخرج كلمة الاعتذار من أفواههم أو أن يقبلوا اعتذار ممن يعتذر، ربما يسهل على المرأة النطق بجمل الاعتذار، بل أحيانا ما تكون جمل الاعتذار من مفردات حديثها الطبيعي، ولكن الصعوبة الحقيقية في اعتذار الرجل وخصوصا في عالمنا العربي، إذ يعتبر معظمهم لعوامل تربوية متجذرة في الأعماق.
أن الاعتذار في حد ذاته جالب للمهانة ومنقص للكرامة، فكم من بيوت خربت، وكم من قضايا رفعت وأضاعت الوقت والجهد والمال، وكم من عداوات دامت طويلا وأثرت على أجيال متعاقبة وتسببت في قطيعة أرحام طويلة ممتدة، وكم من دماء أهريقت بين الرجال أو الأسر، وكان يكفي لوأدها في مهدها كلمة واحدة فقط وهي كلمة الأسف أو الاعتذار، والتي لو قيلت بعد مرور وقت لن تجدي نفعا ولن يكون لها أية قيمة ولا أثر، فلم تتكبر عنها النفوس التي تعلم أن العودة للحق خير من التمادي في الباطل؟
الصعوبة الحقيقية في الإعتذار
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.