مقالات ووجهات نظر

المشاعر المعلّبة… كيف غيّرت الرموز طريقنا للتعبير؟ 

بقلم/ د سماح مصطفى

 المشاعر المعلّبة… كيف غيّرت الرموز طريقنا للتعبير؟

المشاعر المعلّبة… كيف غيّرت الرموز طريقنا للتعبير؟ 

المشاعر المعلّبة… كيف غيّرت الرموز طريقنا للتعبير؟ 

في زمنٍ تتسارع فيه الخطوات، وتختصر الحياة نفسها في إشعارٍ أو رسالةٍ عابرة،

تبدّلت مشاعرنا كما تبدّلت لغتنا.

صرنا نقول “❤️” بدل كلمة “أحبك”، و“🙂” بدل ابتسامةٍ حقيقية.

نرسل القلوب الصفراء والحمراء، لكننا ننسى أن ننظر في عيون من نحب.

تحوّلت المشاعر إلى رموزٍ جاهزة…

نضغطها بثانيةٍ واحدة، ثم نكمل يومنا كأن شيئًا لم يكن.

صار التعبير سهلًا، لكنه بلا روح.

فالكلمة التي كانت تُقال بتردّدٍ وخجلٍ وصدق، صارت تُرمى في رسالةٍ بلا دفء ولا حياة.

لم تعد المشكلة في الرموز نفسها، بل في الطريقة التي اعتدنا بها الاختصار العاطفي.

تعودنا أن نعبّر بلا حضور، ونبوح بلا شعور.

فأصبح الأب يرسل لابنته “👏” بدل أن يقول “أنا فخور بك”،

والزوج يكتفي بـ“😘” بدل أن يقترب ليحتوي،

والأم تعبّر بـ“💔” عن وجعٍ كانت فيما مضى تبوح به نظرةً أو دمعة.

شيئًا فشيئًا، فقدنا مهارة التعبير الحقيقي،

وتحوّلت عواطفنا إلى نسخٍ متكررةٍ من بعضها،

كعلبٍ مُحكمة الإغلاق… محفوظة، لكنها بلا طعمٍ ولا رائحة.

نعيش زمن المشاعر المعلّبة.

نفتحها متى شئنا ونغلقها متى مللنا،

لكنها لا تُشبع القلب، لأنها بلا حرارة إنسان.

ربما آن الأوان أن نعيد للكلمات معناها،

أن نقول “أنا فخور بك” بدل رموز التصفيق،

و“أنا هنا” بدل قلوبٍ كثيرةٍ لا دفء فيها.

أن نتذكر أن الحضور لا يُستبدل بصورة،

وأن الكلمة حين تُقال من القلب،

تغني عن ألف رسالةٍ وألف رمزٍ وألف شاشة.

المشاعر الحقيقية لا تُختصر في رموز،

ولا تُقاس بعدد الرسائل أو الإعجابات،

بل تُروى في كلمةٍ صادقة،

وفي نظرةٍ تشبه الحضن،

وفي صمتٍ يشعرنا أننا مفهومون ومحبوبون كما نحن.

فلنترك للرموز مكانها الصغير،

ولنُعيد نحن للمشاعر حجمها الحقيقي.

فالتكنولوجيا وُجدت لتخدم الإنسان،

لا لتُطفئ حرارة قلبه.

 

المشاعر المعلّبة… كيف غيّرت الرموز طريقنا للتعبير؟ 


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading