
الهجرة غير الشرعية تسرق أرواح البداري
في مشهد بات يتكرر بمرارة، خيّمت الأحزان على مركز البداري بمحافظة أسيوط، بعدما فقد عدد من أبنائه أرواحهم خلال رحلة هجرة غير شرعية انتهت على سواحل ليبيا، حين تحطمت أحلامهم بين أمواج البحر، وتحولت آمالهم في حياة كريمة إلى مآتم تسكنها الحسرات.
شباب في عمر الزهور دفعهم الفقر والبطالة وانعدام الأمل إلى الهروب من واقع مأزوم، بحثًا عن فرصة عمل خارج الحدود. لكن تلك الرحلة التي روّج لها سماسرة الموت باعتبارها “طوق نجاة”، لم تكن سوى طريق مفروش بالمخاطر والاستغلال والمصير المجهول.
ورغم التحذيرات المتكررة، لا تزال ظاهرة الهجرة غير الشرعية تتسع، لتكشف عن أزمة أعمق، تتمثل في تآكل الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة، وغياب السياسات الفعالة لاحتواء طاقاتهم. فبينما تعاني القرى والنجوع من نقص فرص العمل، تستغل شبكات التهريب هذا اليأس لتبيع أوهامًا خادعة، تقود في النهاية إلى الغرق، أو السجن، أو مصير أبشع.
الهجرة غير الشرعية ليست خيارًا، بل صرخة احتجاج. صرخة يطلقها آلاف الشباب ممن تقطعت بهم سبل الحياة، ومن وجدوا في الرحيل وسيلة للهرب من واقع لا يمنحهم الأمان ولا الكرامة.
وبات من الضروري اليوم أن تتحرك الدولة بجدية، من خلال:
توفير فرص العمل ودعم المشروعات الصغيرة.
محاربة المحسوبية والفساد الذي يقتل الطموح في مهده.
إطلاق حملات توعية حقيقية بخطورة الهجرة غير الشرعية.
تفكيك شبكات التهريب ومحاسبة من يقفون خلف هذه الجرائم.
وإعادة بناء الثقة بين الدولة وشبابها.
إن قوارب الموت لن تتوقف ما لم يتحول الوطن إلى مأوى آمن لأحلام أبنائه، وما لم يشعر الشاب أن له مكانًا وفرصة في بلده. فالهجرة ليست مجرد سفر، بل نتيجة لفشل مجتمعي يتطلب حلولًا جذرية، لا مجرد بيانات شجب وتعازي.
الهجرة غير الشرعية تسرق أرواح البداري
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.