الهوية أوشكت على إنتهاء الصلاحية!
الهوية أوشكت على إنتهاء الصلاحية!
للأسف تغير الزمان وتغيرت الأجيال وبدأت الملامح الأصيلة تزول تدريجياً حتى أوشكت على الانقراض ومع تطور التكنولوجيا وسرعة نقلها للأشياء لتصل لجميع العالم أصبح الأفراد في معظم المجتمعات في متاهات لا يعلم مداها غير الله.
مصطلح الهوية يشير إلى عدة أشياء من أهمها هوية المجتمع بأفراده وخصائصه،
فمثلاً عندما يستوقف شرطي شخص ما ويسأله عن هويته الشخصية التي نسميها في بلدنا البطاقة الشخصية ستجد أنها مسجل بها صورته و إسمه وعائلته ومدينته وديانته وبلده وجنسيته وجنسه هكذا ببساطة تقريباً سيكون عنك الشرطي بعض الملامح التي تساعده في مهمته،
بجانب بعض الملامح في هيئتك التي من المفترض أن تكون متوافقة مع هويتك و التى تجعله لايشك فيك إلا في حالة حدوث خلل في تلك الأمور، فمثلا إذا كنت ذكر واسمك بالهوية نور وهو اسم للذكر وللأنثى ، إذا كان اسمك فهد بن العنان آل فلان فهذا بالطبع لن يشير أنك مصري ، إذا كان جنسك ذكر لكن ترتدي حلق بأذنيك وتطيل شعرك ليسترسل تحت الكتف،
إذا كنت مسيحي وليس لديك صليب مرشوم على ذراعك،اذا كنت من مواليد وجه بحري لكن تتحدث اللهجة القبلي ، أو كنت مصري وتتحدث لهجة أجنبية ولا تنطق العربية ،أو كنت عربي وترتدي الملابس الأوروبية كل ذلك ببساطة سيثير الشكوك حولك ولا تلوم إلا نفسك فالهيئة ضد الهوية أو العكس .
الهوية الوطنية تشير إلى طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه الشخص وغالباً يكون ولد فيه وعاش فيه وتربى وترعرع وتأثر بما فيه من عادات وتقاليد وأعراف وقوانين ومذاهب ولغات اكتسبها وأزياء ارتداها ومأكولات ومشروبات إلخ…..
وهذا ما صورته لنا منذ البداية جدران المعابد والبرديات التي كشفت عن هيئة المصريين القدماء وفرقت بينهم وبين أشخاص البلدان الأخرى في مظهرهم ووجوهم وأزيائهم فهذا اسيوي وهذا إفريقي وهكذا،
وايضا من بعدها المخطوطات التراثية والكتب القديمة التي رسمت في صفحاتها ما كان عليه العرب القدماء والأتراك والمغول الأحباش وهكذا،
حتى عدسات الكاميرات من صور في الجرائد والمجلات توضح لنا اختلاف المجتمعات فهذا صاحب الشال والعقال خليجي، وهذا صاحب العمة والجبة والقفطان صعيدي، وهذا صاحب الجينز والبرنيطة خواجة اوروبي،
وايضا مع ظهور التلفاز ورؤية البرامج والمسلسلات وظهور السينما ومشاهدة الأفلام التسجيلية أو الوثائقية أو الذهاب للشباك لقطع التذاكر ومشاهدة نجوم الفن وظهور جهاز الفيديو والجلوس أمامه لعرض الفيديوهات أو الذهاب إلى المسرح لرؤية الممثلين على الطبيعة وهم يؤدون أدوار كوميدية أو تراجيدية تبين اختلاف المجتمعات في المظاهر واللكنات والعادات،
وصولا إلى عالم الكمبيوتر والانترنت والهاتف المحمول الذي جعل من العالم وكأنه قرية صغيرة، يحدث الخبر ليسمع به الجميع في الوقت نفسه،
لذلك ستجد أن كل هذه الوسائل هي التي علمت أجيال وأعطتهم انطباع في مسرحياتها ومسلسلاتها وافلامها للجمهور الذي يجلس أمامها ويتلقى منها الكثير عن الهوية،
فهي من عرف خلالها عدة أجيال أن التي تلبس لامع وضيق ومقطع وتضع المكياج الصاخب وتتحدث بمياعة وتكشف شعرها وتتمايل هي راقصة وفي القرية يدعونها الغازية،هذه الوسائل البصرية هي التي صورت لنا هذا .
ويتضح ذلك في أهالينا زمان عندما كان يخاف الرجل الريفي على ولده إذا إلتحق بجامعة ويقول له خد بالك من نفسك وإحذر بنات البندر وايضا الرجل البندري الذي يسافر إبنه إلى أوروبا ينصحه احذر يا ولدي من بنات بلاد بره هكذا أيضا كما صورت لنا تلك الوسائل أن البلاد الأجنبية عاهرات ودعارة وخمور وقمار ومخدرات أكثر من إلقاء الضوء على تقدمها وعلومها ،
وهي أيضا من صورت لنا في الأفلام أو المسلسلات أو المسرحيات هوية الأشخاص من خلال الأدوار التي يقوم بها الممثلين و الممثلات فيترسخ ذلك في أذهان الجماهير المشاهدين ،
فمثلا تجد هذا الرجل ذو اللحية والجلباب شيخاً والمرأة التي تلبس تنورة قصيرة وتحتها شراب شبكة عاهرة والبنت التي تدخن وتصاحب شباب بطالة، والرجل الذي يصيح بصوته ويغضب ويمسك بيده عصا أو سلاح أبيض أو ناري بلطجي،
وهذا الذي يرتدي البالطو الابيض طبيب وهذا الذي يرتدي البالطو الأسود محامي وهذا الذي يلبس جلباب أبيض وشال احمر خليجي ثري وهذا الذي يطيل شعره ويتحدث بصوت ناعم ويتمايل في مشيته ويلبس ملابس ناعمه شاذ وهذا الذي يدخن السيجار ويرتدي سوار وساعة وسلسلة من الذهب ثري وزعيم عصابة وهذه التي ترتدي ملحفة سوداء بدوية وهذه الذي ترتدي بنطال وبلوزة وشعرها مسترسل بنت زوات أو بنت الباشا أو بنت رجل مهم ولو كانت بملامح عيون خضراء وشعر أصفر وبيضاء الوجه تمثل إمرأة أجنبية ولا حبذا أن يكون لسانها اعوج وتتكلم ببعض الكلمات الإنجليزية في وسط الكلمات العربية أو المصرية لتكون خواجاية .
تعرف الهوية الوطنية على أنها مجموعة من الصفات والسمات المجتمعية والتي تختلف من مكان لآخر، ويقوم الفرد المواطن بامتلاكها نسبة للمجتمع الذي ينتمي إليه، ولكل مجتمع سماته وخصائصه التي يتميز بها مما يجعل من هويته الوطنية مختلفة عن باقي المجتمعات، وتعكس الهوية الوطنية روح الإنتماء لدى أبناء الوطن الواحد وهي التي عليها يرتفع شأن الأمة وتزدهر، ومن دون الهوية الوطنية تفقد الأمة معنى الاستقرار، وهناك بعض الخصائص والسمات التي تقوم بالتحكم بالهوية الوطنية، ولكن قد تختلف تلك الخصائص من مجتمع لآخر، ومن هذه الخصائص التي تتحكم بالهوية الوطنية:( اللغة والعادات و الأديان والتاريخ والثقافة) .
لذلك إن كل ما نراه شاذ عن المألوف وبعيداً عن الوسطية سواء في مجال الدين أو العلم أو الفن أو الأزياء و كل ماهو دخيل على أي مجتمع في العادات والتقاليد والأعراف التي تميز كل شعب وتعبر عن ماضيه الجميل وحضارته العريقة ووطنه الأصيل، كل ما تراه غريب لم يكن وليد الصدفة، إنما وليد غياب الوعي و انحدار الثقافة و التقليد الأعمى ونقص التربية والتعصب الديني وانقراض العلماء واختفاء الأدباء وقلة الفقهاء وعودة المغتربين بأفكار دخيلة على بلادهم نقلوها معهم من بلاد الغربة إلى وطنهم لينشروها وسط مجتمعهم سواء بقصد وفي كامل قواهم العقلية لتنفيذ مخطط ما و يحصدون مقابل ذلك المال أو بدون قصد بغباء وجهل……وللحديث بقية ،
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.