الوقاية من الشرور والمنكرات
الوقاية من الشرور والمنكرات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الوقاية من الشرور والمنكرات
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو علي كل شيء قدير وسبحانه وتعالي أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد إن الوالدان مطالبان بتطبيق أوامر الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سلوكا وعملا والاستزادة من ذلك ما وسعهم، لأن أبناءهم في مراقبة مستمرة لهم صباحا مساء وفي كل آن، وقال ابن القيم رحمه الله ويجب أن يتجنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو والباطل، والغناء وسماع الفحش، والبدع، ومنطق السوء، فإنه إذا علق بسمعه عسر عليه مفارقته في الكبر، وعز على وليه استنفاذه منه.
وهذا حق فإن الوقاية من شرور هذه المنكرات أفضل بكثير من معالجة الصبي بعد تعلقه وشغفه بها، وكتب عمر بن عبد العزيز لمؤدب ولده قائلا ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان، وعاقبتها سخط الرحمن جل جلاله، فإنه قد بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما يُنبت الماء العشب، ومن ذلك الكتب والمجلات والقنوات التي تحمل أفكارا منحرفة تؤدي إلى زعزعة الإيمان وإدخال الشبهات لأن هذه الوسائل لها تأثير بالغ على الأبناء، لا سيما مع تدفق هذا السيل الجارف من القنوات الفضائية التي يبث فيها كل غث وسمين، وإن من أهم ما ينبغي للأبوين تحذير الولد منه هو التحذير من الإنسياق وراء التقليد الأعمى.
بلا رؤية ولا تفكير، وتوعيته من الإنزلاق وراء التشبه بلا تبصرة ولا هدى وذلك لأن التقليد الأعمى دليل على الهزيمة الروحية والنفسية، وسبب لفقدان الشخصية، وسبب للاندفاع إلى فتنة الحياة الدنيا ومظاهرها، وهذا بلا شك يؤدي بصاحبه إلى الغرور والانحلال، وكما إن من الوصايا التي تعين الآباء علي تربية الأبناء هو العدل بين الأولاد، فروى النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني نحلت ابني هذا غلاما، أي وهبته عبدا كان عندي، وفي رواية بستان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أكلّ ولدك نحلته مثله؟ فقال لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فأرجعه” رواه البخاري، وفي رواية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم” قال فرجع فرد عطيته.
وفي رواية “فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور” رواه مسلم، فما قامت السماوات والأرض إلا بالعدل، ولا يمكن أن تستقيم أحوال الناس إلا بالعدل فمما يجب على الوالدين تجاه أولادهما أن يعدلا بينهم، وأن يتجنبا تفضيل بعضهم على بعض، سواء في الأمور المادية كالعطايا والهدايا والهبات، أو الأمور المعنوية كالعطف والحنان والفرح والحزن، وأيضا عدم إستعجال النتائج في التربية فعلى الوالد إذا بذل مستطاعه لولده وبيّن له وحذره ونصح له واستنفد كل طاقته أن لا يستعجل النتائج، بل عليه أن يصبر ويصابر ويستمر في دعائه لولده وحرصه عليه فلربما استجاب الولد بعد حين وادكر بعد أمة، وفي الختام نسأل الله أن يصلح ذريات المسلمين حتى يكونوا هداة مهتدين، ينصرون هذه الأمة ويزيلون عنها ما خنق أنفاسها من الجهل والضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الوقاية من الشرور والمنكرات
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.