قصائد شعرية وأدب

بين خانجو وبكين..قصيدة وتعليق:   للأديبة والباحثة السورية /راغده شفيق محمود

قصيدة وتعليق:

  للأديبة والباحثة السورية /راغده شفيق محمود

 

 

 كتب أمير البيان والكلام (كريم الأسد)

 

إذا وقعتْ في يديكَ السمَاء..

وأنتَ..

على عجلٍ من شروقكْ..

أين ستبدأ رحلةُ شمسِكُ؟

كل الجهات ظمآءُ حنانِ 

وروحُك مَدعّوةٌ للبريق

 

* * *

تجلّى لك العمر

من جانب القمر

آنست.. حزناً، فعَلّقتَ في شجر الضوء عينيكِ

ثم رسمت على الأخضر الغضّ

سيرة حلم ..

فسال غماماً وبرداً

عليْك ..

 

* * *

 

نسيت بذورك من أوَّلِ الحقلِ

لاشجر بين كفيك. يَعلو

ولا تربة تشربُ الرّوح

لاشفةً، قاب نجمين

من غيمك..

المتوجسْ غربَته، قبل بدء الهطولْ

ومن حسن حظّ القصيدةِ ..

أنّا احترقنا..

عُراة ً كما ولدتنا الهموم..

وأنّا فرشنا..

لتلعب في باحة القلب،

هذه المواجعُ .. مِن أوّل الدّمعِ

حتى الهزيع الأخير .. من الحزن

وارتعشت .. لغة

من رثاء العضافير للقمح

تذرِفُ أحرفها، في ييادر مسكونةٍ بالظّمأ

وكُنَّا ..

أردْنا قليلاً من الفجر، نطلق فيه جناحَ الشروق

فجئنا بكين ..

ومنها .. وفيها بدأنَا خانجو الكريمة

 

* * *

 

وكان ابي ، في مهب العواصف

يجمعُ بين اغتراب الغمام

إلى حضنه… لينام

و امي تشعل بعض النجوم ،لكي لا تأرقْ.

أذا عبرَ البرقُ أجفانه الحالمات

 

وأيُّ الينابيع؟…

مَا مرّ في باله أسدُ الشام

يُدلي بمهجته .. جدولاً … جدولاً

وأيّ ُ حمامٍ؟…

ولَم يقتطف من رؤَاهِ الهدِيل…

ما أروعك يا أبتي! 

ما أروعكِ يا والدتي! 

دمت لنا أسد الشام نجم العروبة 

ما أعظمك يا وطني الحبيب

ما أعظمك وما أقواك

ما أجمل بلاد الشام وهي 

  تضاهي بكين وخانجو والصين

 

(لعلها كانت التجربة الأولى 

أسأل الله التوفيق لي ولكل كاتب)

 

……..

قصيدة وتعليق الأديبة والباحثة راغده شفيق محمود 

 

كتب الشاب السوري أمير البيان… (كريم الأسد )

بين خانجو وبكين

عظيم أمة.

 

أن تذكر المكان فهو تعلّق القلب بذاك المكان وأثره في النفس، وأن يبدأ 

بالصفة المشبّهة عظيم وهي تدلّّ على الثبات في الصفة صفة العظمة واستمرارها، متمسكا بوحدة المصير المشترك .

 

السّماء بين يدي الكاتب في رحلته الطويلة والتي استخدم لها الفعل الماضي ( وقعت ) هي تحقق وثبات وقوع السماء بغيومها ونجومها البرّاقة، مع أداة الشرط غير الجازمة إذا والتي تفيد تحقق وقوع ما بعدها. ثمّ تتجدد رحلة البدء فلا توقف بل هو الاستمرار لأنّ الحياة رهنٌ لأصحاب الإرادة الصلبة.

الحلم والأمل يظهر في المقطع الثاني بصورهِ المدهشة الثرة التي تترجمُ أحلام شابٍ يبحث عن الجمال والفرح والأمل في هذا الفضاء الرّحب حيثُ مرّت آلاف القوافل بين الشام والصين من خلال طريق الحرير، لقد صنع حلما يانعا مدهشا من هذه الأحزان التي تسللت إليه وانهمرَ الغمام ليروي نفسه الظَمأى .

 

نسيان البذور في أوّل الحقل هو إعادة وتصحيح للمسار الذي يرجوه كلّ إنسان يمتلك الطموح وفنّ إدارة الحياة القاسية فهو يواجه الكثير من المصاعب، الجميع يشارك في الحزن لأنّ الحياة في جوهرها بذرة، فالعصافير تطلب القمح لتحيا والفجر لابد أن يشرق فكان الأمل في إشراقته فقصد بكين ومدينتها خانجو الكريمة.

 

الأب القائد وربان السفينة يواجه عواصف الأيام ويتحدى بشجاعة وإقدام ومن جمالياتِ هذه الصورة هو جمع الغمام في أحضانه لينام وتهدأ تلك العواصف. لقد امتلك الكاتب ناصية اللّغة وطوّع الكلمات في صورها الواقعية الممزوجة بالحلم والأمل والدهشة فالأمّ تشعلُ النجوم لتزرع الأمل وتجلو الأرق.

أراد النهوض بجناحين فالأب القوي الحنون والأمّ المتوهجة نشاطا وحيوية ورفض لكلّ يأس وانطفاء.

 

الطبيعة بمكوناتها من غمام ونجوم وفجر وحقول وعصافير تشارك الكاتب في رحلته مع الأهل حيث الأب والأم السند وهو يصور رحلة كلّ شاب سوري يحلم بإشراقة الفجر.

 

فالينابيع تتفجر من بين صخور الزمن الصلدة وتنساب الخيرات جداولا جداولا، وتزول تلك المرحلة المتعبة حيث هديل الحمام والقحط وتظهر عظمة القائد والسيدة الأولى في شام الياسمين وهي تنافس في جمالها وعظمتها بكين.

نصّ ممتع شائق معبّر عن خلجات النفس والقدرة على استشراف الواقع والنهوض به.

 

قصيدة وتعليق


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة