تجارة الثقافة ناصر الدسوقي

تجارة الثقافة
ناصر الدسوقي
يبدو العُنوان غريبًا بعض الشيء !٠
هل هذا صحيحًا أم المقصود
( ثقافة التجارة ) ؟٠
لا
العنوانُ صحيحٌ تمامًا .
لأني لا أقصد فنون التجارة ودهاليزها الشرعية .
بل أقصد المتاجرة بالثقافة .
لكن في البدايةِ يجبُ التعريفَ بمفهوم الثقافة .
الثقافة في مفهومها المُطْلَق هي :
عِدَّة عادات وموروثات وتقاليدَ تُميِّزُ فِئًة من الناس عن أخرى ، أو تُميز شعبًا عن آخَر .
جميلٌ جدا .
لِمَ ؟٠
لأننا قُلنا ( تُميِّز )
والمِيزةُ تكون بالشئ الحَسَن .
لأن الخبيثَ يُشِينُ ولا يَميز .
أمَّا في بلداننا العربية يختلفُ مفهومَ الثقافةٌ بعضَ الشيء ،
فالثقافةُ عندنا هي الفنونُ بصنُوفها / الشِّعرُ والأدب والقصة والرواية إلخ إلخ .
والسؤال :
هل هذا عَوارٌ في ثقافتِنَا ؟٠
الإحابة …
ليس عوارًا كاملًا ،
لأني قُلتُها كثيرًا .
( الفُنونُ نِتاجَ ثقافاتٍ وليسَ العكس ) .
https://masaaraby.com/?p=367237&preview=true
لكن لنفترضَ أن هذا هو مفهوم الثقافة ،
فما لهذا والعُنوان عاليه ؟٠
الصِّلةُ بين العنوان ( تجارة الثقافة ) وما سَبَق ،
أن كثيرًا ممن ينتمونَ إلى دائرة الثقافة الأدبيةِ هم دُخلاءَ عليها ، ولا يجبُ أو يصح أن يكونوا بحالٍ داخلَ تلك الدائرة .
ويظهرُ ذلك جلِيًّا في ما نراه على الساحة الأدبية في كافة صنوف الأدب ،
يظهرُ في تدني مستوى القصة القصيرة والرواية .
يظهر في اِنحدارِ الشعرِ عن طريقه الصحيح ليسلُك مُعتركًا ضيِّقًا ليتخَلى بفِعلِ فاعلِ عن الهُويةِ والأصالة .
ويظهر أيضًا في نحاتين الشِِعر .
يكتب الواحدُ منهم مثلًا
قصيدًة في الدكتور الجامعي الذي يدَرٌّسُ له في الجامعة .
وبعد فترة نسمع منه نفس القصيدةِ مادحًا فيها شخصيًّة أخرى مع تغيير الإسم .
وهكذا في عدة مناسبات ظَانًّا بهذا أن كل المستمعين بالآذانِ فقط ، ويغفل هولاء عن أن هناك فئًة وهي الأكثر تسمع بعقلها .
نراه أيضًا في الكثير من الصالونات الأدبيةِ
سواءٌ في الواقع الحي أو السوشيال ميديا
والتي منذ إنشائها لم نَرَ فيما قدموه محتوىً واحدًا يَمُتُّ للأدب أو الثقافة الأدبية بصلة .
وهنا كانت المتاجرة بالثقافة .
المتاجرة في الإستخفاف بعقول الناس والسعي لإقناعهم أن هذا هو الأدب والفن الأمثل .
ولم ينتبهوا أن المستمع قادر على أن يُفرق بين الغثِّ والسمين ،
والدليل أنه لمجردِ سماعه مثلا قصيدة من الشعر الخليلي تراه مُنصِتًا منتبهًا يتحسسها بعقله .
نراه عندما نستمع إلى أغنيةٍ من زمن الفن الجميل الراقي نتهايم معها وبها .
وليوقن هؤلاء أن ذنب إفساد الأجيال القادمة معلقٌ في رقابهم ،
لأن هؤلاء لم يعيشوا الزمن الذي عشناه ولم يتلقوا فنًّا راقيا وأدبًا أصيلًا .
فبالتالي ليس لديهم مفهوم التفريق بين الغثِّ والسمين في الفن والأدب لأنهم يظنون أن ما يتم تقديمه لهم هو الفن والأدب ذاته .
وأخيرًا
فليبقى التاجر في تجارته بثقافتها ،
ويبقى الأدب والفن رسالةً ساميةً لا تجارةَ فيها سِوَى النفع للآخرين والمجتمع بأثرِه ..
https://www.facebook.com/groups/2004366466535948/?ref=share&mibextid=NSMWBT
تجارة الثقافة
الشاعر د ناصر الدسوقي
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.