
جريمة بلبيس التي كسرت صمت القرية
بقلم: رنيم علاء نور الدين
لم تكن تعلم الطفلة أن خروجها مساءً لجلب بعض الحاجيات من منزل أسرتها سيكون آخر مشهد طبيعي في يومها. دقائق قليلة قطعتها في طريق تعرفه جيدًا داخل قرية بلبيس بمحافظة الشرقية.
قبل أن يتحول المكان الهادئ إلى مسرح لجريمة صادمة هزّت القرية بأكملها، وكسرت الإحساس الزائف بالأمان.
بحسب روايات الأهالي وما توصلت إليه التحريات الأولية، فوجئت الطفلة داخل أرض زراعية قريبة بظهور شاب استغل خلو المكان، وهاجمها بعنف.
حاولت المقاومة، وصرخت طلبًا للنجدة، لكن صراخها قابله اعتداء أكثر قسوة، في محاولة لإسكاتها وكسر قدرتها على التعرّف عليه. لم يكن الهدف فقط الاعتداء، بل محو الشاهد… طفلة رأت وجه الجاني.
الاعتداء لم يتوقف عند حد، بل تحوّل إلى عنف جسدي وحشي، ترك آثارًا واضحة على وجه الطفلة وجسدها. ورغم حالة الذعر والألم، تمسكت الفتاة بغريزة النجاة،
واستطاعت في لحظة يأس أن تفلت من قبضة المعتدي، لتجري في اتجاه الطريق وهي تصرخ وتستغيث، حتى سمعها الأهالي وتجمعوا حولها.
هرب الجاني من المكان، لكن ملامح الجريمة لم تهرب. بعد ساعات قليلة،
وبناءً على بلاغات الأهالي وشهادة الطفلة، تمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد هوية المتهم وإلقاء القبض عليه.
وخلال التحقيقات الأولية، أقرّ المتهم بارتكاب الواقعة، مبررًا فعلته بتبريرات صادمة عكست خطورة ما أقدم عليه، وهو ما زاد من غضب الشارع.
نُقلت الطفلة لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، فيما خضعت لفحوصات دقيقة، وسط حالة من التعاطف والحزن داخل القرية. لاحقًا، انتشر مقطع مصوّر للطفلة وهي تروي ما تعرضت له،
بوجه يحمل آثار الضرب، وصوت متعب لكنه ثابت. لم يكن الفيديو مجرد شهادة، بل وثيقة اتهام لهشاشة الأمان، وانتشر بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، مُشعلًا موجة غضب ومطالبات بالقصاص.
القضية لم تعد مجرد واقعة جنائية، بل تحولت إلى جرح مفتوح في الوعي الجمعي. تساؤلات عن الطرق الآمنة، وعن الرقابة، وعن سرعة التدخل، وعن حماية الأطفال في الأماكن المفتوحة،
كلها عادت بقوة إلى الواجهة. فالجريمة وقعت في مكان يفترض أنه جزء من الحياة اليومية، لا ساحة خوف.
التحقيقات لا تزال جارية، والمتهم رهن المحاسبة القانونية، لكن ما حدث ترك أثرًا لن يُمحى بسهولة، لا في نفس الطفلة وحدها.
بل في قرية كاملة أعادت النظر في معنى الأمان.
وفي ظل هذا المشهد القاسي، يبقى السؤال الذي يفرض نفسه بقوة:
1-هل ننتظر الجريمة التالية لنتحرك؟
2-أم أن حماية الأطفال ستتحول أخيرًا من رد فعل إلى فعل حقيقي؟
جريمة بلبيس التي كسرت صمت القرية
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



