حاضر وماضي تاريخ عريق عادات وتقاليد راسخة معنى ومغزى.
حاضر وماضي تاريخ عريق عادات وتقاليد راسخة معنى ومغزى.
الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورع فرنسا.
حاضر وماضي تاريخ عريق عادات وتقاليد راسخة معنى ومغزى.
التشعبين في متليلي الشعانبة بولاية غرداية جنوب الجزائر بالصحراء.
مدخل:
من ضمن العادات المعروفة والمتوارثة في تراب القطر الجزائري عموما، والجنوب الجزائري بمتليلي الشعامنبة أرض الثوار الأشاوس الأحرار خاصة.
عادة التشعبين بالعامية ( التشعبينة ) العادة العريقة التي لا يعرف لها تفريط ولا تقصير و لا إستغناء عنها.
وقد أرتبط إسم هذه العادة بشهر شعبان كنوع من التميز الذي يحظى به هذا الشهر وفيه يتم تبادل الزيارات العائلية وطبخ المأكولات التقليدية والأطباق الشعبية ولتحضير لرمضان من طلاء البيوت وغسلها و شراء الأواني الجديدة و الأفرشة إلخ…
والجميل أن الجيل الحاضر توارث هذه العادة الإجتماعية عن كابر أبا عن جد, ولم يمح تقاليدها الضاربة في الجذور منذ القدم ومازالت عادة التشعبين ترسم ملامحها الجميلة في طقوس وديكورات بهيجة تطل على العائلات والأسر و الأهالي خاصة و المجتمع عامة في كل عام.
يحتل شهر شعبان مكانة جد مميزة لدى عديد الدول العربية و الإسلامية عامة و لدى أسر الشعب الجزائري خاصة بالجنوب الجزائري منه مدينة متليلي الشعانبة ، حيث يعتبر مقدمة لشهر رمضان، ولكل منطقة من مناطق الوطن خصوصية تميزها في هذا الشهر عن باقي المناطق من الوطن.
وفي ولاية غرداية بالجنوب الجزائري بربوع بلدياتها منها متليلي الشعانبة، يحظى شهر شعبان بخصوصية كبيرة إذ يكون فرصة لتلاقي الأهل والأقارب ولم جمع الشمل العائلي و الحفاظ على روابط الأواصر الأسرية و لتبادل الزيارات لاسيما للعرسان الجدد حديثي الزواج و الأصهار قديما و المخطوبين خصوصا و الشباب حاليا في الوقت الراهن بتطور الأوضاع , كما يعد فرصة لطهي المأكولات التقليدية خاصة الأطباق الشعبية منها والتي تغيب عن شهر مائدة شهر رمضان بأكمله.
ها هو شهر شعبان ككل سنة يوشك على الإنتهاء وطي دفاتر أيامه الحلوة و الجميلة المليئة بالأحداث و المناسبات, وهو في الأيام الأخيرة منه قبل حلول الضيف العزيز على قلب كل مسلم, حيث تحتفل العائلات الجزائرية إحتفالا خاصة بسيطا في نوعه عميقا في مغزاه غني في نوعه بإحياء عادة التشعبين من العادات و التقاليد التي مازلت راسخة و متبعة بإهتمام وبطقوس مختلفة بين الجيلين الماضي و الحاضر و في تنافس شديد.
إن التشعبينة كما يطلق عليها بالعامية هي عادة كما أسلفنا من العادات والتقاليد الأسرية العائلية المتوارثة بالمنطقة بين الأهالي و الأسر أبا عن جد منذ قديم الزمن, و التي كانت تهدف في عصر زمان أصحابها إلى التراحم و التواد و ربط صلة الرحم و القرابة والتزاور و تبادل الزيارات العائلية لا سيما للأزواج حديثي العهد و رباط المصاهرة.
كانت عادة حميدة لا تخرج عن المألوف و لا عن طباعها المتعارف عليها على مدار الأعوام لسنين عديدة .
لكنها اليوم أصبحت تفاخر وتباهي أكثر من ذي قبل , تكليف و مشاحنة و عناد و بهرجة بين الأسر و العائلات بشتى الأنواع و الأشكال, خرجات للصحاري و الفيافي عزائم ولائم و نفقات لا تقدر بأثمان ولا تراعي فيها ظروف و لا يحزنون. المهم أسليخ و خلاص
هدايا و عطايا وما خفي كان أعظم.
وفي ظل القيام بالتشعبينة من عدمه و ما تتطلبه من تكاليف و مصاريف أصبح الزوج بل بات بين ذا و ذاك, بين المطرقة و السندان, بين الطاقة و القدرة و عدم تلبي الطلب و عدم إستطاعته , و صار الأب في تقلب وحيرة من أمره, والزوجة مصرة على القيام بالتشعبينة مهما كلف الزوج الأمر , و الأم محرضة بأية ثمن لأبنتها بحجة حقها في ذلك .
وبالتالي أصبحت النتائج كارثية ففي حالة عدم إستجابة الزوج لتنفيذ طلبات الزوجة و القيام بالتشعبينة وأخذ الزوجة لبيت أهلها محملة بالهدايا و العطايا لها و لأمها و أخواتها و الخروج للنزهة و إحضار ما لذ وطاب ناهيك عن باقي الهدايا الحميمية الخاصة و ما شابه ذلك التي دخلت كتقليد أعمى هدام لم يعرف لها سابق.
فإن لم يقوم الزوجة بالتشعبينة تغضب الزوجة و منه نشوزها و منه يصل الأمر إلى الطلاق و منه لتشريد الأطفال و تشتت أسرة بسبب عادة لا تسمن ولا تغني من جوع ولا صل لها بواقع الأهالي و الأسر في ظل المتغيرات و التقليد الأعمى الفتاك بالترابط الأسري و اواصره الذي يرحم.
التشعبينة هاته العادة التي أصبحت مرهقة مكلفة مدمرة و مخربة للبيوت و مهدمة للأسر ومشتتة للأطفال.
حفظنا الله وإياكم.
مرهقة / من حيث التعب التحضير والتنقل وعناء السفر و تكبده مشقته
مدمرة / من حيث حسن إستغلالها.
مخربة / للبيوت والحياة الزوجية ومفككة لها
مهدمة /للأواصر الأسرية والروابط العائلية
متسببة في الغضب ومنه النشوز والطلاق ومنه التشريد ما يترتب و ينجر عنه لا سمح الله.
توطئة:
وعليه فمن باب العرف والعادة والتقليد الجميل لما يهدف لربط الصلة و تقوية الروابط مرحبا بها و نشجعها و نثمنها و من باب التفرقة و التكلفة و التقليد الهدام فنرفضها و نحاربها.
تعريف:
المغزى الحقيقي من التشعبينة لدى الجزائرين على خطى السلف هو الإلتقاء في جو عائلي أخوي لحل الخلافات و النزاعات لاسيما العائلية و الزوجية. و التي غالبا ما تكون بسبب الزيجات حديثة العهد أو قضايا الميرات المتشعبية و المستعصية الحل بسب المشاحنة و التنعت وعن الإعتراف بالطرف الأخر وحرمان الأنثى بحكم الوقف وووو
وذلك لطي جميع ما سلف ذكره و فتح صفحة جديدة بالسعي لصلح والغفران والتسامح قبل حلول شهر رمضان الفضيل و التمكن من الصياح في جو روحاني إيماني بخشوع وتقرب من الله بقلب صافي و خالي من كل ضغينة حفظنا الله وإياكم.
حيث يحرص الجميع على أن يكون شعبان فرصةً لتجسيد الصفح الجميل بلا عتاب، فشهر شعبان هو فرصة حقيقية للتغيير الفعلي و الإستعداد لإستقبال شهر رمضان بقلب سليم و بنفسية مرتاحة بدون كراهية ولا شحناء ولا بغضاء.
وتعد العائلات هذه المناسبة فرصةً لتوطيد أواصر القرابة والتعارف عبر المصاهرة
والحرض على رابط صلة الرحم.
و للإحتفال بعادة الشعبيبنة و تقاليدها الراسخة طقوس متعددة منها:
تحضير الأطباق الخاصة:
تحضر بمناسبة الشعبينة الأكلات الشعبية والأطباق التقليدية والتي لها تفاصيل كثيرة وأسرار جد مشوقة،
من بين هاته الأطباق و الآكلات الشعبية :
على سبيل الذكر لا الحصر أطباق الكسكسي بجميع أنواع القمح الشعير و الصراير باأعشاب التقليدية الطبية قرطوفة و غيرها. الشخشوخة – التذيبة يذوب الزبدة لاستخراج السمن .
المغلوقة خبزة الشحمة المختمومة – الكسرة و لحبيب – الكسرة و الدنجال – لفتات – المردود – الرفيس بالغرس و السكر و الروينة و الزريزة
لكن اللغز والسر في تحضير هذه الأكلات يكمن في مدة الطهي و السرية الاتمة ليكون الطبق عند تقديمه مفجأءة سارة.
إن الهدف من الطقوس التي يقوم عليها الإحتفال بالتشعبينة، يتجاوز هدفها في كيفية إعداد الأطباق ونوعيتها، بل يهدف في حد ذاته ومضمونه السعي على لم الشمل العائلي الكبير في بيت أحد كبار العائلة او في مكان يختار ليجتمع فيه الجميع و يلتقي كل طرف بالأخر.
زيارة البنات عامة والعروس الحديثة بزيارة واليدهن وأقرابهن في بيت الأهل.
غالبا ما يقوم والدي العروس بدعوة بناتهن المتزوجات جميعا والخديثة الزواج خصوصا. من أجل قضاء أيام من شهر شعبان، وخلال هذه الفترة تقتم لهن احتفالات رمزية خاصةً لتوديع هذا الشهر والإستعداد لقدوم شهر رمضان الفضيل و مقاومة تعبه و معاركه مع المطبخ و إعداد ما لذا و طاب بتزين مائدة الإفطار و التفاخر بها بين الأهل و الأصهار و باقي الأقارب.
تقديم الهدايا والعطايا/
تتميز التشعبيبنة بتقديم هدايا و عطايا لكبار السن عموما وللامهات و للزوجات حديثات الزواج و لعازبات المخطويات و التنمني لهن بزفاف مبارك مستقبلا ان شاء الله
بمناسبة التشعبيبة لايسمج لا الغياب فهو ممنوعولا يمكن تبربره مهما كان.
لايسمح بالتغيب عن هذه المناسبة مهما كانت الظروف و المبرات، لكون الدعوة موجهة مسبقا مع تحديد اليوم و التاريخ ( الزمان و المكان), فالجميع يحرص على حضور التشعبينة فهي تعبر عند كثير العائلات المتوارثة منذ سنين بأنها العلاج الواقي من التفكك الأسري وتوطيد العلاقة الزةجية الأسرية، وهي من الأسباب الرئيسية المعتمدة في هاته اللمة التي تزيد من اللحمة الأسرية والتماسك بين أفراد المجتمع والتي تترك أثرا نفسيا إيجابياً يوقي مناعة التفرقة.
وتختلف مراسيم الإحتفال بالتشعبيبنة من عائلة إلى أخرى و من قبيلة و عرش إلى أخر فكل و عادتهم و تقاليدهم الراسخة و طباعهم التي لا تتغير ولا تتبدل ولايمكن السماح بالتقرب منها و زعزعة إستقراها.
الشتعبينة تقضي على الخلافات الزوجية و تذيب كل مشاكلها. إذ تنهز العائلات هذه الفرصة للتعريف بالعروس الجديدة،
ومن سمات الإحتفالات بالشتعبية، أن العائلات تنتهز هذه الفرصة للتعريف بالعروس الجديدة للأهل و الأقارب الذين لم يحضروا مراسين و حفل الزفاف و لم يتعرفوا عليها أم من هم بعيدين و لم يحالفهم الحظ في حضرو العرس بومها. وتبرز إظهارها في أحسن مظهر من حيث الزينة واللباس، وعرض جهازها ما أهدي لها من الجميع أهل وأصهار و أقارب و احبة الخ…..
التشعبينة تتخللها عدة عادات وتقاليد مميزة لا تعد ولا تحصى في كل ربوع الوطن و لايمكن عدها و حصرها في سطرين . والتي في الأصل تأبى الإندثار وما زال الكثيرون يعدونها راسخة لايمكن الإستغناء عنها , فالبرغم من التغيرات الطارئة لاسيما من جيل المستقبل الرافض لها و للقديم من تراث السلف و موروثه الثقافي والتحولات الإجتماعية التي عرفها المجتمع خلال السنين الماضية من الزمن، ما زال الجزائرييون عامة و المشتليليون الشعنبيون الغرداويون محافظين على هذا التقليد العريقة الضاربة في أعماق المجتمع المحافظ والتماسك بأصالته وانفته وتاريخه المجيد سواء الجهادي الثقافي و التراثي و موروث سلفه،
على مشارف نهاية شعبان بداية بعد نصفه الثاني عموما، وتحديدا في اليومين الأخيرين اللذين يسبقان حلول شهر رمضان الفضيل، يلتقي الجميع.
حاضر وماضي تاريخ عريق عادات وتقاليد راسخة معنى ومغزى.
على مشارف نهاية شعبان بداية بعد نصفه الثاني عموما، وتحديدا في اليومين الأخيرين اللذين يسبقان حلول شهر رمضان الفضيل، يلتقي الجميع.
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.