حصة لعب وحصة جد
حصة لعب وحصة جد
شفاء الوهاس_ جدة
في الطفولة كان كل همنا اللعب وحتى في المدرسة
لو حضرنا ست حصص دراسية وحصلنا على حصة لعب فإن هذه الحصة هي من تصنع يومنا ، ونظل نتحدث عنها ونعود لنحكي لأمهاتنا مدى سعادتنا باللعب في هذه الحصة الوحيدة وكأن يومنا كله لم يكن فيه إلا حصة واحدة. لأن تفكيرنا وسعادتنا كانت في تلك الحصة التي منحونا فيها اللعب. بسبب غياب المعلمة أو بسبب لانعلمه المهم إنه لم يكن هناك إنصات لدرس ولا أوامر بالانضباط والهدوء ،
ولا تفتيش على واجبات منزليه قد كانت في طيات النسيان ولم نتذكرها إلا عندما فتحنا كتاب المطالعة ووجدنا قلم الرصاص في نفس الصفحة التي أخذناها بالأمس وقد طبقنا الكتاب وبداخله قلم الرصاص ،
قد بقي بداخل حقائبنا في الحفظ والصون ، ولم ندرك أنه في ذلك الكتاب المغلق قطعة قد طلبت منا المعلمه أن نكتبها مرتين مرة بخط الرقعة ومرة بخط النسخ
حصة لعب وحصة جد
والصدمة والخوف كانت قد تملكتا قلوبنا الصغيرة في وقتها. ولكن كأن خوفنا في الصغر خوف لحظي يعني في وقته وسرعان ما ننسى بعد تلقي العقاب ،
سواء كان العقاب لفضيًّا ، او فعليًّا بمسطرة الخشب
التي تمتلكها تلك المعلمة. نتلقى عقابنا ثم نكمل الدرس ويتضاعف علينا الواجب المدرسي من الكتابة مرتين إلى عشر مرات ، هذا إذا كانت المعلمة رحيمة بنا ، ونبدأ رحلة ذلك اليوم بالدروس المختلفة والمتنوعة مابين رياضيات وعلوم ودين ، ثم تأتي حصة الرسم في آخر الحصص إذا كانت المديرة حكيمة تجعلها الحصة الأخيرة ، حتى تستعيد الطالبات نشاطهن ويمارسن هوايات الرسم ، حتى إذا لم تكن هواية فيكفينا أنه ليس فيها واجب منزلي ولا عقاب من المعلمة.
وننهي رحلة يومنا الدراسي بتبادل الألوان فالبعض يمتلك ألوانا زاهية والبعض ألوانا خشبية. ومعلمة الفنية تسمح لنا بتبادل الأوراق والألوان وأتذكر ان كراستي لايوجد بها إلا بضع ورقات ، قد وزعتها على زميلاتي اللاتي لم يحضرن الكراسة وعلبة ألواني قد أصبحت ستة بدلاً عن درزن المهم اللون الأبيض موجود الذي لا أعلم سر وجوده وكنت أعتقد أنه وضع ليكمل العدد اثناعشر لونا …
ويحفظ توازن الألوان داخل العلبة ولكن ألواني فقدت توازنها من أول حصة رسم ، مابين طفلة معجبة باللون الأحمر وأخرى أعجبها الوردي وإحداهن لاهم لها إلا البرايه ؛ أخذت قلم اللون البني كاملاً واعادته وقد نقص أكثر من نصفه ،
ولكن لايهم ،
الأهم أننا نرسم ونلعب ونضحك فكل مانفعله في حصة تلك المعلمة هو الرسم واللعب وتبادل الأماكن كما نتبادل الألوان
فهي لطيفة معنا ،
ليست كمعلمة الرياضيات تبدل أماكننا قسرًا. فهي تريد بطيئة الإستيعاب في الأمام . وايضًا الطالبات المشاغبات ليصبحن بالقرب منها وتحت نظرها ،
حتى تتمكن من شرح الدرس ولايتشتت فكرها أثناء الشرح. بين طالبة رمت ورقة وطالبة شدة شعر زميلتها. فهي قد أحكمت السيطرة عليهم. وتبدا حصتها بالسؤال عن إجابات مسائل غير محلولة قد شرحتها بالأمس وعقولنا الصغيرة لاتستوعب درس اليوم حتى تتذكر درس الأمس وتبدأ رحلة حصة المعاناة ، وبالذات إذ فيها تسميعًا لجداول الضرب تمتد لأربعين دقيقة وكأن عقارب الساعة ثابتة ه لاتتحرك ، وإذا دق جرس نهاية الحصة البغيضة والمعلمة القاسية نبدأ بإدخال الكتب للحقائب فرحين ونخبرها أن الجرس قد رن وأعلن نهاية حصتها ظناً منا أنها لم تسمعه ..
وتكون الطامة الكبرى لو قالت : لاتدخلوا الكتب ولاتغيروا اماكنكم ونكمل الدرس. لأن معلمة العلوم لم تحضر اليوم وأخذت حصتها.
وتقول : هيا نكمل الدرس
وتقولها بسعادة
ولا تعلم انها قتلت المتعة في قلوبنا ، وشحبت وجوهنا الصغيرة ، وأسكتت ضحكاتنا ،
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.