مقالات ووجهات نظر

حنانيات

كتبت: حنان ممدوح الطيب

حنانيات
كن حكيماً.. فللصداقة حدود

كل شيءٍ خلقه الله في الوجود له حدود، يخضع للقياس والوزن والكيل، حتى العقل والمشاعر لها حدود تختلف باختلاف حكمة صاحبها. فعندما تختفي الحكمة، يفقد العقل والمشاعر تلك الحدود، ويظنها لانهائية، وهنا تحدث الكارثة التي نجدها متجسدة في مفهوم الصداقة عند أولئك المفتقدين للحكمة، وهم أول من يصطلون ويكتوون بنارها.
والأمثلة كثيرة تزفها لنا الصحف والمواقع بعشرات الحالات يوميًا؛ من صديقٍ خان، وصديقٍ هان، والمشترك بين كليهما “صداقة بلا حدود”.
وكلنا طالعنا في الصحف ووسائل الإعلام قضية الزوجة التي دست السم لزوجها وأطفالها الثلاثة، وكان الشريك هو العشيق الصديق الخائن، حيث كانت صداقته بالمجني عليه بلا حدود. لم تكن فقط الخيانة الزوجية نتاجًا وحيدًا لتلك الصداقة اللامحدودة، ولكن تكتظ السجون بمتهمين في قضايا خيانة أمانة، والسبب توقيع ضامن على إيصال أمانة يضمن فيه صديقًا مستغلًا بلا حدود.
وآخر في قضايا الإرهاب، لثقته اللانهائية في صديقٍ جذبه لهذا الطريق حتى وجد نفسه في الهاوية بصداقةٍ بلا حدود. ومنهم من يجد نفسه طرفًا في قضية، ولو على سبيل الشهادة أو الشك في الشراكة، لمجرد ثقته في صديقٍ بلا حدود.
ومن المثير للسخرية، عندما تسأل الكثيرات من المطلقات وصاحبات قضايا الخلع، تجد السبب الأبرز أن خانتها صديقتها وتزوجت بزوجها، ذلك أنهن كن يصادقن بلا حدود.
ناهيك عن تلك الصداقات في العمل، حيث تجد كثيرًا مما يسمى بـ(الأسافين) تأتي من صديقٍ كانت الصداقة بين زملاء العمل بلا حدود. ومما يدعو للأسى والأسف أن تجد أولئك المكلومين من نتائج تلك الصداقات اللامحدودة، يُرجِعون السبب إلى حسن النية وطيبة القلب.
عذرًا يا سادة، لا هذا ولا ذاك، إنه بكل تأكيد افتقادٌ للحكمة. فلو كان لهؤلاء قليلٌ من الحكمة، لجعلوا لصداقاتهم حدودًا.
بنت الطيب


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading