رسول الله يمازح الأطفال ويداعب أهله
رسول الله يمازح الأطفال ويداعب أهله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
رسول الله يمازح الأطفال ويداعب أهله
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين ونصلي ونسلم ونبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، الذي كان صلى الله عليه وسلم متواضعا فتواضعه تواضع من عرف ربه مهابة، واستحيا منه وعظمه وقدّره حق قدره، وتطامن له وعرف حقارة الجاه والمال والمنصب، فسافرت روحه الى الله وهاجرت نفسه الى الدار الآخرة، فما عاد يعجبه شيء مما يعجب أهل الدنيا، فصار عبدا لربه بحق فيتواضع للمؤمنين، ويقف مع العجوز ويزور المريض ويعطف على المسكين، ويصل البائس ويواسي المستضعفين ويداعب الأطفال ويمازح الأهل ويكلم الأمة، ويواكل الناس ويجلس على التراب وينام على الثرى، ويفترش الرمل ويتوسّد الحصير، قد رضي عن ربه، فما طمع في شهرة أو منزلة أو مطلب أرضي أو مقصد دنيوي.
ويكلم النساء بلطف، ويخاطب الغريب بودّ، ويتألف الناس ويتبسّم في وجوه أصحابه يقول صلى الله عليه وسلم ” إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد” ولما رآه رجل ارتجف من هيبته قال صلى الله عليه وسلم “هوّن عليك، فإني ابن امرأة كانت تاكل القديد بمكة” فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد، فإن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان يشارك أهله في كل الأمور وكان صلي الله عليه وسلم يقوم بخدمة أهله، وما كان يصنع ما يصنع لكثرة الشغل وجهد العمل، ولكن هناك معنى أعمق، وهو المواساة والإشعار بالمشاركة التامة في الحياة الزوجية وتحقيق أحد معاني السكن إلى الزوجة ” لتسكنوا إليها ” ولم يقل لتسكنوا معها، فإن هذه الأعمال اليسيرة في المنزل تصل إلى قلب الزوجة مشفوعة بمذكرة تفسيرية.
تضج بمعاني الحب والمودة والرحمة، وتشعر الزوجة بالدنو القريب إلى زوجها، والامتزاج الروحي والعاطفي، كون الرجل في مهنة أهله، وأي عمل وعلى أي صفة رسالة حياة تقول هويتنا جميعا كما هي حياتنا جميعا وإن معاني الالتحام الزوجي تنسجها هذه اللمسات المعبرة، فيكبر في عين زوجته بقدر تواضعه، ويعظم في نفسها بقدر بساطته، وإننا نطل من هذه النافذة على البيت، فنراه صغيرا في مساحته، بسيطا في متاعه، ولكن الخلق النبوي العظيم صلى الله عليه وسلم جعله وعاء كبيرا مترعا بالأنس والبهجة، ترن فيه الضحكات، وتشرق البسمات، ويتدفق ينبوعا غامرا من السعادة والإبهاج ” كان رجلا من رجالكم إلا أنه كان ضحاكا بساما ” فإنه ليس في بيت النبوة التواقر المتكلف، ولا التزمت المقيت، ولا تجهم العبوس.
ولكنه حبور الضحك وإيناس التبسم، ومتعة الحياة الطيبة التي تملأ البيت حبرة وسرورا، حتى كأنما يعيش أهله في زاوية من الجنة، فإن هذا الفن الراقي في التعامل الزوجي، والمبادرة من الزوج إلى المشاركة المعبرة والأنس المبهج سوف يجعله يحتل المساحة الأكبر من قلب زوجته ووجدانها، وإن هذا التعامل الرفيع يجعل لحضوره فرحة وأنسا ولغيابه وحشة وفقدا، وسيكون من المرأة بمكان، وإن على الذين يشتكون برودة الحياة الزوجية وجفافها أن يتعلموا من هذا الدرس النبوي أن الدماء تتدفق حارة في حياتهم بمثل هذه اللمسات الساحرة، حينها لن يبقى في قلب المرأة ووجدانها مساحة شاغرة فقد ملأ ذلك كله زوج أشعرها بالمشاركة الحقيقية في الحياة، ولوّن يومها بالبسمات، ويبهرنا هذا التوازن في الحياة النبوية.
فقد كان صلى الله عليه وسلم مع الناس أكثرهم تبسما وفي بيته أيضا ضحوكا بساما وكان مع الناس كالريح المرسلة بالخير، وفي بيته في مهنة أهله، وكان خير الناس للناس، وخيرهم لأهله، فإن هذا التوازن يفتقد عند أناس يبذلون المجاملات الرقيقة بسخاء في تعاملهم العام، ولكنهم يخزنون عبوس وجوههم وقترة نفوسهم لزوجاتهم، فلا يرين إلا قتامة التجهم، وملالة التضجر، مع أنهم أولى الناس ببشره وحسن خلقه، أما نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقد وسع الناس بحسن خلقه، وكان أهل بيته أسعد الناس بهذا الخلق.
رسول الله يمازح الأطفال ويداعب أهله
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.