سيزيف هذا الزمان اشقى وآمر بكثير
سيزيف هذا الزمان اشقى وآمر بكثير
بقلم الكاتبة الروائية / غادة العليمى
نستطيع القول انه .. وبكل تأكيد
لكل جيل متاعبه
ولكل زمن أزماته
ولكل وقت سماته
غير ان هذا الجيل فى هذا الزمن بهذه السمات قد فاق كل الوصف وخرق كل أسقف التوقعات ،، فلم يعد شئ متوقع ابدا
اصيب هذا الجيل بلعنه ( سيزيفوس
أو سيزيف هذا الزمان
الذى عاقبته الآلهه الاغريقيه القديمه بأن يحمل الصخره ويصعد بها إلى قمه الجبل وكلما صعد بها تدحرجت وسقطت اسفل التله ليعيدها من جديد مرارا وتكرارا من دون امل فى النجاح
لعنه اسمها لعنه التكنولوچيا
لعنه جوجل
لعنه المنشورات والتويتاب واليوتيوبات على تويتر وفيس بوك ويوتيوب
لعنه مزدوجه تأتيهم فى صورة كثرة للمعلومات المتاحة
معلومات عن كل شيء وأى شئ
معلومات خاطئة واخرى شديدة الصحه والدقه
بداية من التجارب الشخصية وحتى علوم الفضاء
معلومات في كل العلوم وفى اللامعلوم
معلومات شديدة الأكاديميه فى الطب فى الفيزياء فى الفلك فى التاريخ فى السياسات الدولية واقتصاد الدول والافراد وحتى فى التنجيم والسحر والاتصال بالجن ستجد لها معلومات
حتى الاجتهادات الشخصية والآراء الفكرية الغريبة متاحه للجميع
سميها ما شئت حرية تعبير أو حريه تدمير
لكنها فى النهايه تصاغ وتصل فى صورة معلومات
سيل عرم من المعلومات ليس بوسعه احد ان يمنعه او يحجبه أو يصححه أو يستوعب حجمه أويخمن نتائجه
كم يجعل هذا الجيل دائما في حالة لهاث وعدم رضا .. وشعور بأن الافضل مازال بعيد
كم يخلق شعور عام بإن هناك دوما شيء ناقص وغير مكتمل
جبل ليس له قمة
تجعل الباحث فيه فى حاله صعود مستمر دون أمل في الوصول لأن القمة دائما في ارتفاع
كم يجعل كل ذى موبايل سمارت فون عالم وطبيب وخبير واعلامى ومخترع وفنان
كم يجعل الأمراض النفسية والعقليه في تزايد مستمر ومتطور بدرجه لا يستطيع التنبؤ بها احد
كم معلوماتى من اضراره العزله والتنمر على الاخر والتواصل المزيف والاذدواجيه الفكرية ومن اشد اضراره الخلل النفسي الذى يتجلى فى صور حالات انتحار لم نكن نسمع عنها من قبل
كم جعل العلاقات في أزمة
وخلق سباق شاق لا يتوقف فى كل شئ واى شئ
سباق داخل عالم موازى مخادع حتى ملامح الوجه فيه تزيف بفلتر
الثقافه بداخله تصنع بنسخ لكلمات الاخر
السرقة به مشروعه
النصب فيه أمر عادى
الكسب فيه لمحتوى لا يهم فيه ما تقدمه ولا كيف تقدمه ولا لمن تقدمه ولكن جمع جمعت من مشاهد يتابع ماتقدمه
حتى ولو نبحت فى ڤيديو أو خلعت ملابسك فى بث مباشر أو ذبحت انسان وصنعت تريند
أمر فاق الحد فى العبث وتخطى حدود الجنون
وخلق جيل اذا فكر بمنطق فقد العقل
لعنه حقيقية لا تقل عن اللعنه الاسطورية
لعنة سيزيف
ولكن سيزيف هذا الزمان اشقى وآمر بكثير
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.