مقالات ووجهات نظر

عبد الرفيع الجواهري حديقة أدبية يلتقط زهورا من مختلف الأجناس الأدبية بقلم الدكتورة ..أمينة المهدي

عبد الرفيع الجواهري حديقة أدبية يلتقط زهورا من مختلف الأجناس الأدبية

بقلم الدكتورة / أمينة المهدي

عبد الرفيع الجواهري الإعلامي الشاعر والسياسي المناضل ورجل القانون والبرلماني معروف بأعماله الأدبية والشعرية التي تميزت بالعمق والحداثة، إجتمع فيه ما تفرق في كثير من غيره؛ والحديث عنه حديث عن النضال وعن الصحافة والسياسة والقانون. بصمة انفرد بها في الكتابة بالمغرب.

 

 رأى النور بمدينة فاس سنة 1944 بينما كان والده يقبع في سجن عين قادوس، على إثر اعتقاله في مظاهرات أعقبت تقديم وثيقة الإستقلال. تابع تعليمه بالمدارس الحرة التي أنشأها رجالات الحركة الوطنية المغربية لتدريس اللغة العربية، فدرس بمدرسة “التهذيب”، وهي مؤسسة مستقلة أنشأها الوطنيون، تعتمد على نظام تدريس يرمي إلى تعليم اللغة العربية. حاز الجواهري على الشهادة الإبتدائية عام 1956، من أول فوج يحصل على هذه الشهادة بعد استقلال المغرب. ذهب إلى مدينة الرباط والتحق بالإذاعة الوطنية سنة 1960 ولم يتعدى سنه السادسة عشرة. وحصل سنة 1964 على شهادة الباكلوريا ثم درس القانون والذي أجيز فيه عام 1967، ثم لاحقا على شهادة الدروس المعمقة في مراكش، مما خول له العمل محاميا بمراكش، وانتخب رئيسا لإتحاد كتاب المغرب سنة 1996.

انخرط في النشاط الحزبي باكرا. فوالده إدريس الجواهري كان مسؤولا في حزب الإستقلال بالحي الذي يقطنه، وكان بيته مقرا يجتمع به مناضلو الحزب من صناع تقليديين وتجار صغار، وكان الابن يقوم بقراءة النشرة التي تصل من مقر الحزب لإعلامهم بها. 

يحكي محمد العربي المساري، الوزير السابق للإعلام، كيف تعرف على الجواهري في الرباط، في ستينيات القرن الماضي، وكيف عملا معا في الإذاعة، وبرفقة الأديب محمد برادة. وخلال مسيرته الإذاعية، قدم عبد الرفيع الجوهري برامج متعددة ومتميزة بين ما هو ثقافي وأدبي واجتماعي، برامج كان لها دور كبير في نشر الثقافة والأدب المغربيين وترسيخ الهوية المغربية، وعاشت أجيال مع نبرات صوته على أمواج الإذاعة، يوجه عبر الأثير الشباب المغربي إلى الفن الهادف والأدب البناء، وكان للجوهري أسلوب فريد في التقديم، بسيط وعميق يوصل الرسائل بطريقة مؤثرة وجذابة وسلسة فلقي نجاح كبير لبرامجه.

إن مسيرته تستوجب التنويه والتقدير، كان مخلصا في عمله وفي إثراء الشعر العربي والمغربي. فالجواهري المبدع في عمله وفي مجال الاغنية المغربية والشعر استطاع ابلاغ الابداع المغربي الغنائي الى المشرق. وكان من أبرز أعماله الأدبية مجموعة من الدواوين الشعرية، منها ديوان “صوت الحجر” يتناول موضوعات متنوعة تشمل الحب والفقد والحرية؛ وديوان “رماد هسبريس” يتناول قضايا وطنية وإنسانية بأسلوب شعري مميز؛ وديوان “مرثية الصفصاف” الذي يتسم بطابع حزين ويتناول الفقد والحنين إلى الماضي. وأصدر ديوانين شعريين “وشم في الكف” سنة 1981، و”شيء كالظل” سنة 1994. وعاد الجواهري إلى المشهد الشعري بديوانين جديدين هما “كأني أفيق” و”الرابسوديا الزرقاء”. 

يمتاز عبد الرفيع الجوهري بأسلوب شعري يتضمن الأصالة والمعاصرة، وأحدث تجديدا في القصيدة العربية من خلال إدخال تقنيات وأساليب جديدة في الكتابة. إنه شاعر وأديب بارز، شخصية مؤثرة في مجال الإعلام المغربي، خاصة من خلال عمله في الإذاعة المغربية. متميز بإبداعه وتأثيره على المستمعين، وكانت له إبداعاته في إنتاج البرامج وقراءة الأخبار والتمثيل وكتابة الأغاني.

لقد شكل هو والموسيقار عبد السلام عامر ثنائيا ناجحا بكل المقاييس لحن له أغنية “ميعاد” أول قصيدة غنائية له. وبعدها جاءت قصيدة “القمر الأحمر” من أداء الفنان عبد الهادي بلخياط وبعدها “راحلة” و”قصة الأشواق” أداهما محمد الحياني، وعدد آخر كثير. 

ويصرح الجواهري قائلا “الشعر الغنائي سواء كان بالفصحى أو الدارجة، فهو شعر رقراق مندور للغناء”. والأمر سواء في الموسيقى والغناء والإبداع الشعري، يتعلق بتهذيب الذوق الجمالي العام للمجتمع”.

وتأكد الباحثة حورية الخمليشي بأن القصائد المغربية المغناة في شعر عبد الرفيع الجواهري لها لمسة خاصة. وتعد من أروع القصائد المغاربية والعربية. وتضيف الباحثة نجاة الزناير بأن مدرسة هذا الشاعر الكبير فتحت أبوابها أمام سلاسة اللغة وجمالياتها وشفافيتها، فبها بنى أهرام قصائده التي غنت للحرية والمشاعر الدافئة، لتخلد شاعرا كبيرا اسمه عبد الرفيع الجواهري.


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة