مقالات ووجهات نظر

عليكم بأهل الإتقان

عليكم بأهل الإتقان

عليكم بأهل الإتقان

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

عليكم بأهل الإتقان

الحمد لله فتح باب التوبة للمذنبين، ووعد بحسن العاقبة للصادقين، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد قال سهل بن عبد الله التستري كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سواء فقال لي يوما ألا تذكر الله الذي خلقك فقلت كيف أذكره؟ قال قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك، الله معي الله ناظر إلي الله شاهدي، فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال قل في كل ليلة سبع مرات، فقلت ذلك ثم أعلمته فقال قل ذلك كل ليلة إحدى عشر مرة.

فقلته فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة قال لي خالي احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة، فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يوما يا سهل من كان الله معه وناظرا إليه وشاهده أيعصيه؟ أبدا لا يعصه ولا يقصر في عمله بل يحسنه ويجوده ويتقنه، وقال النووي رحمه الله “واعلم أن مذهب أهل الحق من السلف والخلف أن من مات موحدا دخل الجنة قطعا على كل حال، وإن كانت له معصية كبيرة ومات من غير توبة فهو في مشيئة الله تعالى، فإن شاء عفا عنه وأدخله الجنة أولا وجعله كالقسم الأول، وإن شاء عذبه القدر الذي يريده سبحانه وتعالى ثم يدخله الجنة، فلا يخلد في النار أحد مات على التوحيد ولو عمل من العاصي ما عمل.

كما أنه لا يدخل الجنة أحد مات على الكفر ولو عمل من البر ما عمل” ولقد بيّن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أن إتقان العمل مما يحبه الله ويرضاه، فيما روي عنه أنه قال “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” بل عدّ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عدم إتقان العمل من صفات المنافقين في أكثر من حديث، كما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه “آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان” فكل هذه الصفات فيها عدم إتقان العمل، سواء في الكلام أم الوعود أم الأمانة، فيا أيها الناس ليعد كل منا لنفسه، ولينظر هل هو من أهل الإتقان أم لا؟

وينبغي لنا أن نعلم أن الإتقان في العمل من الوفاء بالعقد، وأن التقصير ونقص العمل من الخيانة وإخلاف الوعد، والله تعالى يقول ” يا أيها الذين آمنوا أوغوا بالعقود” فكما تريد أن تأخذ راتبك وأجرتك كاملة، يجب أن تؤدي عملك كاملا، بغض النظر عن راتبك قلّ أو كثر، وسواء قدرت جهودك أم لا، وسواء كرموك أم نسوك، ولا تترك الانضباط والإتقان بسبب ما تراه من تسيب بعض الموظفين أو العاملين معك فتقليدهم لن يعفيك أمام الله إن أهملت واجبك، وأنت ما دمت رضيت بعملك، وأبرمت العقد على القيام به، فقم به على أكمل وجه، وإن لم يقدر جهدك مسؤولك، فالمهم أنك أرضيت ربك، وكسبت الكسب الحلال الذي لا إثم فيه ولا شبهة.

عليكم بأهل الإتقان


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة