في ذكرى وفاته الثالثة 2021–2024 فارس المنابر
في ذكرى وفاته الثالثة 2021–2024 فارس المنابر
الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا
في ذكرى وفاته الثالثة 2021–2024 فارس المنابر
حكيم الخطباء معتمد الأئمة الشيخ الطالب الحاج عيسى بلعور بغرداية جوهرة الواحات.
وتحل الذكرى الثاثلة لتذكرتنا برحيل قامة من قامة المجتمع ودعائم بنيانه.
في نشوة الأفراح والمسرات أيام إحياء مناسبة عيدي الإستقلال والشباب 05 جويلية من سنة 2021. زف نبأ الخبر المفزع لتتوالى الفجائع المحزنة الغير السارة، لتخبرنا فجأة دون سابق إنذار، برحيل قطب من الأقطاب وعلم من الأعلام فضيلة الشيخ العم الحاج عيسى بلعور ( الطالب عيسى), معتمد الأئمة بولاية غرداية عمدة من عمداء المالكية وعرصة داعمة وركيزة من الركائز المتينة الصائنة, لتشد البنيان المرصوص لحمايته من التصدع والتشقق. شمعة من الشموع المنيرة بربوع تراب بلديات ولاية غرداية وضواحيها و خارج أسوارها بكل الجهات أينما حل وأرتحل و طلب ودعي. ورمز من رموز الدعوى والإصلاح, ومن الشخصيات الإنسانية الفاعلة والقامات المرموقة والإطارات الإجتماعية, الثقافية, الإرشادية. التوعوية, التحسيسية وغيرها من الألقاب و المهام.
ويومها وساعتها ضرب الموت فجأة من جديد قامة وشخصية فذة واعية مفعمة بالإنسانية والحب والنبل عضو من الأعضاء الفاعلين البارزين النشطاء بالمؤسسات المسجدية و الحركة الجمعوية ,الخيرية والإنسانية بين عامة الناس. شخصية بارزة لها مكانتها وسمعتها وأسمها المنقوش في الذاكرة بين الأجيال المتعاقبة, لا يمحى ولا ينسى من بين الأسماء اللامعة في سماء ربوع ولاية غرداية بوادي ميزاب ليحكي تاريخ سجله الذهبي الحافل لأجيال المستقبل لاحقا مأثره ومناقبه بكل فخر وإعتزاز.
بمطلع العشرة ذي الحجة و شهرها المبارك لعام 1442هـ, ومطلع شهر جويلية من سنة 2021, إنطفأت شمعة العم الطالب الحاج عيسى المنيرة عن عمر ناهز 82 سنة و الذي شيعت جنازته بعد عصر الجمعة في جو جنائزي مهيب بحضور جمع كبير حضرته السلطات المحلية على رأسهم السيد والي الولاية وسلك الأسرة الدينية ورفقاء المنابر و المساجد والمشايخ و الأعلام ,على رأسهم فضيلة الشيخ الطالب الحاج الأخضر الدهمة و الشيخ الطالب الجمعي الحاج بوجمعة حوتية وغيرهم, وبحضور رئيس وأعضاء مؤسسة الشعانبة للتنمية و الأصالة التي يعد الأب الروحي لها و المؤسس الفعلي لها و بحضور عائلة الفقيد وأعيان المدينة ومحببيه من مختلف فئات المجتمع والوافدين من خارج الولاية من كل جهات الوطن. لتوديعه الوداع الأبدي و وري التراب بمقبرة مرماد بولاية غرداية.
جمع الناس حي بكل مكان وزمان وجالسهم وجمعهم موتى مرافقين له في جنازة واحدة موحدة محكمة التنظيم والتسير , بحيث وري شيخنا الطالب عيسى التراب رفقة من وافاتهم المنية هم الأخرين, كل من المجاهد العم محمد رسيوي (العوادي ) والأستاذ زيان الحاج أحمد بن الحاج قويدر بني, معلم مربي الأجيال مدير مدرسة والعم مهامة بوعمامة.
رحل عنا فقيدنا الغالي على قلوب الجميع الطالب عيسى في صمت ,تاركا ورائه بصماته الخالدة الشاهد حي بين المجتمع برمته. بالمساجد والمدارس القرآنية و الزوايا و المخيمات الصيفية و الجمعيات المتعددة و المراكز و المؤسسات المسجدية و حلقات الذكر و الدروس و شواطئي البحار و كثبان الصحراء داخل و خارج الوطن من أهمهما و أغلاها سفريات الحج للبقاع المقدسة وإشرافه و تأطيره و إرشاده لجميع الحجاج لاسيما الضمان منهم المتعطش لمزيد المعرفة و التأكيد من صحة حجه وتأدية فرضه.
يذكر الجميع و يشهد الكل بأن فضيلة الشيخ الطالب عيسى مربي الأجيال عبر سنين خلت، الإمام الخطيب، المكون المؤطر, الناصح المرشد, المرافق . هو أحد الرموز الشامخة وقامة من القامات العالية وعلم من أعلام التعليم الديني والتربية وأصول الفقه والشريعة ومتون الدين عامة. وفارس من فرسان العمل الخيري التطوعي المجتمعي خاصة، وشخصية إجتماعية محلية وطنية في أوساط المجتمع عامة بدون إسثتناء في جنوب الجزائر عموما و غرداية جوهرة الواحات خصوصا بوادي ميزاب، عرفه المجتمع الشعانبي عامة كما عف سلفه الصالح من عائلة آل بلعور بسبسب ومتليلي الشعانبةو الجزائر العاصمة وعيرهم من باقي جهات ربوع الوطن, والغرداوي خاصة وغيره بمبادئه وحكمته وإلتزامه الديني وأخلاقه الحميدة وسيرته وسلكوه الطيب، وحبه للخير والعطاء ومناصرته للحق, ذوي إصلاح ذات البين وفض الخلافات و الصلح بين الناس. كان أنموذج قدوة ومثالا يحتذى به في سيرته وسلوكه وإخلاصه ووفائه وتفانيه في عمله و مهامه في كل المحافل و المنابر.
الطالب عيسى في ومضة سطور:
من كملة تأبين فضيلة الشيخ الدكتور الحاج لخضر بن قومار رئيس المجلس العلمي بمديرية الشؤون الدينية بولاية غرداية و الأستاذ بجامعة غرداية و تنشيط الأستاذ الرزمة رضوان بن عبد القادر بحصة الجمعة بمحطة إذاعة غرداية الجهوية. ومسجد سيدنا عمر بن الخطاب بحي الثنية.
مولده ونسيه :
هو الشيخ بلعور عيسى بن محمد بن عيسى (المعروف بالطالب عيسى ) من مواليد متليلي الشعانبة سنة 1939,الموافق سنة 1358هـ من أبوين كريمين لأسرة محافظة, أسرة علم و فقه وتربية متجذرة من نبع سليل فياض لا يجف و لا يتوقف عن الضخ و السقي على مدار الأعوام, ترعرع بأحضان أجداده وسلفه, فحفظ منهم تاريخ نسبه وسير أهاليه وأسرته, منهم فضيلة الشيخ بلعور مسعود الموسوعة العلمية و منعش حواضر التعليم وقتها مطلع القرن الماضي 1900. والإمام المجاهد العم بلعور الحاج أحمد, تعلم مبادئ العلم والقراءة على يد مشايخ ومعلمي المدنية كبقية أقرانه يومها, نال ما تسير من العلم .بعد حفظ كتاب الله ودراسة بعض المتون الفقهية والدينية وبعض الشيء من النحو والصرف واللغة والسيرة النبوية على شيوخ محاظر مدينة متليلي الشعانبة وغرداية وغيرهم . ظل يتوق إلى مزيدا من تحصيل العلم والمعرفة بدون حياء ولا خجل وفي كل وقت ومناسبة لا يكل ولا يمل كما يشهد له الجميع بذلك لآخر أيام حياته أوراقه و قلمه لا يفارقه أين ما حل و أرتحل لطلب العلم و المعرفة و النهل من منابع الآعلام و المشايخ مستفسرا و سائلا إلخ…..
إنتقاله لغرداية:
إنتقل رفقة أسرته إلى مدينة غرداية سنة 1947, عائلته التي عانت مأساة ويلات الإستعمار الفرنسي وعاشت مظالم الحكم العسكري ومرارة الحياة بالصحراء القاسية, فرغم العوز و قلة الحاجة إلا أن عزيمته كانت جد قوية و إصراره على التعلم و النجاح كان قائما و ثابتنا لم يحيد عنه.
مسيرته المهنية :
بدأ مسيرته الوظيفية, إذ عمل بمسجد سيدنا حمزة 1391ه-1971م بحي العين, بطلب وإلحاج من جماعة المسجد. فكان إماما خطيبا ومدرسا معلم في نفس الوقت. دون أن يتخلى عن نشاطه الإصلاحي و الدعوي, ومن محاسن الصدف الجميلة كان ذلك يوم الفضيلة كما يعرف في العامة عرفا وتقليدا إحياء مناسبة المولد النبوي الشريف للحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه. وقتها بطلب من جماعة المسجد, وظف سنة 1974 كإمام بالمسجد للصلوات الخمسة.
تكوينه :
شارك سنة 1975 في مسابقة الأئمة بورقلة نحج فيها كإمام خطيب وألتحق بمدرسة التكوين فتكون في بلدية مفتاح بولاية البليدة, تلقى تكوينه على أيدي فضيلة الشيخ عبد الرحمن الجلالي و الشيخ أحمد حماني وثلة من أعلام مشايخ الجزائر وتخرج منها بشهادة إمام خطيب, إلا أنه لم يتوقف عن طلب العلم و كنوزه.
مواصلة دراسته:
لم يكتفي الطالب عيسى بما تحصل عليه و تعلم فحبه الشديد للتعليم حفزه ومكنه من إستمرارية التحصيل العلمي وواصل درساته بالمراسلة حتى مستوى الثالثة ثانوني.
من بصمات خصاله:
من خصاله الحميدة وسيرته المشرفة وأعماله سعى سنة 1984 في توسعة مسجد سيدنا حمزة بعين لوبو الذي ظل حريصا عليه وقائما مشرفا عليه. والذي عمل فيه إبان الحقبة الإستعمارية و هيمنتها ومنعها للتعليم القرأني خاصة, رفقة الشهيد الطالب عيسى عمير و المغفور له باذن الله الطالب حمودي قباني الحاج محمد كمعلم مساهم في التعليم القرأني بالمسجد و فضيلة الشيخين الأستاذ الحاج الأخضر الدهمة خريج مدرسة الزيتونة وأحد تلاميذ الشيخ الطاهر بن عاشور و فضيلة الشيخ الحاج أحمد بوعامر شيخ الوسطية والإعتدال حفظهم الله ورعاهم و أمدهم بموفور الصحة.
مخاصر نشطاته:
مختصر من بعض نشاطاته الخيرية و الإنسانية, كان الطالب عيسى معروفا بالإنفاق على المعوزين والفقراء والساعي لفعل الخير و الحث عليه كما تشهد له حصة الناس للناس كل يوم سبت بمحطة إذاعة الجزار من غرداية الجهوية، وكان يحاول دائما أن يدخل عليهم البهجة و السرور و الإبتسامة والتخفيف عنهم آلامهم وتعويض بعض الشيء مما حرموا منه.
نشطاته الإجتماعي الثقافي والترفيهي:
ومن نشطاته الاجتماعية الثقافية والترفيهيو, كان رحمه يؤطر و يشرف على المخيم الصيفي مرافقا للأطفال الأيتام رفقة الأخ مشطن عبد القادر ضمن جمعية سنابل الرحمة بولاية غرداية و مرافقا منشطا مخففا على المسنين والمرضى العجزة مرافقا لهم في رحلتهم الإستجمامية بزلفانة بمناسبة اليوم الوطني للمسن وسائر الأسام كلما سمجت الفرصة و توانت الظروف, أما من الجانب الثقافي التوعوي فلقد وفقني الله أن حضر بعض نشاطاتي وكان مؤطر حملتي الولائية سنة 2012 ضد العنف بجميع أشكاله والذي أفتتح بداية إنطلاقتها من مركز بيت الشباب بزلفانة يومها, كما قبل دعوتي وحل ضيفا مشرفا على وليمة زفاف أبنتي سنة 2018 بمسجد سيدنا علي بن أبي طالب بحي أولاد العيد بمتليلي الشعانبة برفقة رئيس مؤسسة الشعانبة الأستاذ بوعامر الحاج بوحفص ورئيس مكتبها بمتليلي الدكتور أولاد بلخير الشيخ بن الحاج مناع هاته عينة بسيطة وما خفي كان أعظم .
نعاه جمع المشايخ و العلماء سواء بالمساجد منهم مسجد عمر بن الخطاب بحي الثنية و بمقبرة مرماد و غيرهم و تهاطلت برقيات و رسائل التعازي من وزير الشؤون الدينة والأوقاف و باقي الهيئات و المؤسسات و الجهات.
نم قرير العين شيخنا الطالب عيسى رحمك الله يكفي فخرا أنك أصبحت الرمز المقتدى به في كل شيء من صدح المنابر إلى الأعمال الخيرية والإنسانية التطوعية ومفخرة غرداية عامة و يكفي فخرا أنك سليل عائلة علم و دين و تربية و أخلاق أنك إبن المدرسة القرآنية أصلا ونسبا تشهد له ربوع الجنوب من بكل فخر وأعتزاز رحمة الله عليهم
وختامها أسأل الله العلي القدير أن يتغمدك بواسع رحمته وغفرانه ويسكنك فسيح جناته وأن يطيب تراك وأن ينير قبرك ويجعله روضة من رياض الجنة
في ذكرى وفاته الثالثة 2021–2024 فارس المنابر