قصة عبرت البحار وإجتازت القفار
قصة عبرت البحار وإجتازت القفار
بقلم / محمـــد الدكـــروري
قصة عبرت البحار وإجتازت القفار
اليوم : الأحد الموافق 14 يناير 2024
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا، يا ربنا لك الحمد أن أنزلت على عبدك الكتاب وأخزيت الأحزاب، وأشهد أن لا إله إلا الله العزيز الوهاب، وحده لا شريك له رب الأرباب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المستغفر التواب، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله والأصحاب يا أرحم الراحمين، ثم أما بعد، إن رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم هو النبأ العظيم، والحدث الهائل، والخبر العجيب، والشأن الفخم، والأمر الضخم، فمبعثه حقيقة وهو أروع الأنباء وأعظم الأخبار الذي سارت به الأخبار، وتحدث به السمّار، ورعاه الركبان، واندهش منه الدهر، وذهب منه الزمن.
فقد استدار له التاريخ ووقفت له الأيام، فقصة إرساله صلي الله عليه وسلم لا يلفها الظلام ولا تغطيها الريح ولا يحجبها الغمام، فإنما هي قصة عبرت البحار واجتازت القفار، ونزلت على العالم نزول الغيث، وأشرقت إشراق الشمس، فهو بإختصار نور، وهل يخفى النور؟ وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ” مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث” رواه البخاري، وإن من مواقف رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم التي نعيش أنوارها وأسرارها وأخبارها هو موقف البراهين التي أثبت الله بها نبوته صلى الله عليه وسلم فقد جاء إلى أهل مكة رجل عرفوه فقد تربى معهم، وسار في جبالهم، وتظلل بسمائهم، ومشى على أرضهم، فلما قال أرسلني الله، قالوا له كذبت وهو الصادق فكان عليه أن يأتي بآيات بينات.
فأتى بها من عند حكيم خبير، فخرج على أهل الحرم وقد أطل القمر ليلة أربعة عشر على الناس، وهم في الحرم كما قال الله تعالي ” سامرا تهجرون” أي تسمرون بقول فيه فحش وهجر وبذاء، وقلوب ما عرفت الله، قلوب عاقرت الخمر والفاحشة والزنا، وهم في الخمر يطل عليهم صلى الله عليه وسلم كالبدر، وهم في ظلام الليل، فقال لهم “قولوا لا إله إلا الله تفلحوا” فقال أبو جهل آذيتنا وسببت آلهتنا، وسفهت أحلامنا، ثم حلف باللات والعزى لا يقول لا إله إلا الله حتى يشق له القمر، إنها آية عظيمة، إنه إمتحان صعب، إنه تحدي صارخ، إنها مجازفة سافرة، حلف بلاته وعزاه لا يؤمن ولا يذوق هذا الدين حتى يشق له رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن الله القمر، وكان تحديا أمام الجماهير، فوقف صلى الله عليه وسلم موقف الشجاعة والبسالة، وموقف القيادة للعالم.
فالتفت إلى القبلة ودعا الله تعالي، وقال لكفار قريش إن شق الله لي القمر أتسلمون؟ قالوا نعم، والحديث صحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وغيره، فأشار إلى القمر ودعا الله، فشق الله له القمر فلقتين، أما إحداهما فذهبت إلى جبل أبي قبيس، وذهبت الأخرى قيل إلى عرفات وقيل إلى مكان آخر، فقال صلى الله عليه وسلم “انظروا” فنظروا ورأوا القمر قد انشق، ورأوا آية الله وبرهان الله وحجة الله ودليل الله على إرسال رسول الله، ولكن ماذا فعلوا؟ قاموا من المجالس كالحمر ينفضون ثيابهم، ويقولون سحرنا محمد، سحرنا محمد، ثم تسابقوا وخرجوا من أبواب الحرم، أليس هذا دليلا على رسالته وعلى مواقفه الخالدة أن يثبت الله رسالته من السماء بآيات؟ فسبحان ربك العظيم.
قصة عبرت البحار وإجتازت القفار
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.