قفزة نوعية إلى الواحد الديان
الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد اعلموا أن الشهر الكريم شهر رمضان فيه عتق من النار، وفيه رحمة من الله، فكان رسول الله عليه الصلاة والسلام جوادا، وكان أجود ما يكون في رمضان، فهو شهر الإنفاق، فقال صلى الله عليه وسلم أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا، عبدي أنفق أنفق عليك، درهم تنفقه في حياتك خير من مائة ألف درهم ينفق بعد مماتك، فإنه شهر الإنفاق، وشهر الجبر بتعبير العامة، وشهر العطاء، وشهر المواساة وشهر صلة الرحم، لا شهر الفسق، ولا شهر الإنحراف، ولا شهر الولائم التي لا ترضي الله، فيها إختلاط، وفيها نساء بأبهى زينة وهنّ جميعا في رمضان في تبذل وقلة احتشام.
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يكثر من قراءة القرآن في رمضان فيجب أن ترسم برنامجا لك جديدا في رمضان قادم إن شاء الله إذا أمد الله في عمرك، ودورة مكثفة، ودورة من ثلاثين يوما لا بد من أن تخرج من رمضان إنسانا آخر، ولكن هذا الذي يقفز قفزة نوعية في رمضان، ثم يعود إلى ما كان عليه قبل رمضان فهذا ما انتفع من رمضان، وهذه القفزة النوعية ينبغي أن تستمر، يوم الفطر تأكل وتشرب وتفعل ما هو مباح، أما ضبطك للسانك، وضبطك لبصرك، وضبطك لعينيك، وضبطك لإنفاقك، هذا الضبط الذي كان في رمضان ينبغي أن يستمر بعد رمضان كي يكون لك في كل شهر في العام قفزة نوعية إلى الواحد الديان، أما معظم الناس يضبطون أنفسهم في رمضان فإذا ذهب رمضان فلسان حالهم يقول.
رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاق، فهذا النمط الذي لا يرضي الله تعالي، فأنت مع الله في كل أيام العام وينبغي أن تستقيم في كل أيام السنة، وينبغي أن تكون خاضعا لمنهج الله تعالي في كل الشهور والأعوام، وهذا المفهوم الصحيح، أما أن يقول أنا في رمضان لا أعصي الله وبعد رمضان الحال حال آخر، إذن ما انتفعت من رمضان شيئا، وإن هناك معاني كثيرة في شهر رمضان، ولكني أردت أن أوضح بمثال بسيط وهو كيف أن المركبة أحيانا ينبغي أن يُحمّى محركها، كي يكون جاهزا مع أول إنطلاقة إلى هدفها، كذلك نحن قبل رمضان ينبغي أن نهيئ أنفسنا لإستقبال هذا الشهر العظيم، فلعل الله سبحانه وتعالى يجعلنا من عتقاء شهر رمضان، ولا بد من أن أذكر لكم أن النبي عليه الصلاة والسلام سنته القولية معرفتها فرض عين.
وسيرته العملية معرفتها فرض عين، لماذا؟ لأن الله يأمرك ويقول ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” ولكن كيف نأتمر؟ فما أعطانا النبي عليه الصلاة والسلام من أوامر نأتمر به، وكيف ننتهي عما نهانا عنه، إن لم نعرف، فلا بد من لزوم مجالس العلم، وهذا الوهم أن يقول أنا لست بحاجة إلى هذه المجالس، فمن قال لك ذلك؟ فأنت في أمس الحاجة إليها، وكيف تعبد الله؟ إن لم تعرف أمره ونهيه، وكيف تعالج نفسك من ضغط الدم المرتفع لا سمح الله، إن لم تقيس ضغطك كل يوم، فلن تعرف هل عندك ضغط مرتفع أم لا؟ كيف تعبد الله؟ كيف تأتمر بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وكيف تنتهي عما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ؟ إن لم تعرف ماذا يأمر، وعن ماذا نهى تبقي جاهلا.
قفزة نوعية إلى الواحد الديان