كنت اعلم ان هذه اللحظة ستأتي..بقلم – بسنت صلاح عباس
كنت اقف بعيداً أري شخصاً يشبهني ، نفس الملامح تقريباً، يقف في شموخ وفخر بنفسهِ ، الجميع يقف ويصفق له احتراماً وتقديراً لما حققه من انجازات و أحلامه الغريبة الأطوار التي كان يلهث ورائها حتي اصبحت حقيقة يقف امامها العنصر البشري ويعطيها تحية إجلال لها ، أري ذلك الشخص ينظر له الجميع بعيون تفخر به و عيون اخري تسعد بنجاحه المبهر ، كنت اعرف ذلك الشخص وقصته منذ ولادته ، رأيته في خفقانه و تجاربه الصعبة، رأيته وهو سعيد و يطير كالطير بلا قيود ،
كنت اعلم عنه انه يعشق الحرية و طموحه لا بلوغ ولا حدود له ، كنت اعلم انه لا يستسلم ابداً ويسير في طريقه لأنه يعلم ان هناك من الخير و الاحلام التي تنتظره ليحققها ، لديه ثقة عجيبة في نفسه و قدراته ، مهما يقع في مستنقعات الحياة و حُفرها يقف و يبدأ ليصعد من جديد و يُكمل طريقه ، رأيته في وطأة حزنهِ وفي عز استيائه من العالم ومافيه ولكنه كان يستمر رغم ألمه ، كان يعلم ان الله سينصفه يوماً من الأيام من قُبح عدالة الحياة،
كنت اعلم ان هذه اللحظة ستأتي ، اللحظة التي فيها رأيته يرفع رأسه عالياً ويتحدث الي الله ويقول اعطيتني اكثر بكثير مما كنت ابتغي و جعلت احلامي تتحقق بصورة اجمل من التي كانت بذهني ، كنت اري في عينيه دموعاً تريد ان تتحرر من اسرها وتخرج لكنه كان يمنعها ، دموعاً تمتزج بمشاعر الفخر والفرح و التعويض ،
كنت فرحاً لأجله كنت انا انتظر هذه اللحظة اكثر منه انني عشت معه رحلته لحظة بلحظة ، كنت فخوراً به الي حد السماء .
ثم رأيت ذلك الشخص يقترب مني وأخذ يقترب اكثر فأكثر حتي رأيته بصورة اكثر وضوحاً ، علمت حينها ان هذا الشخص هو أنا .. أنا بعد كمٍ من سنوات الركض طويلاً و الاستمرار رغم كل شئ.
رأيته يمد يده لي لكي يصافحني وأخذ يقول لي : أعلم انك بوقت لا تحسد عليه الآن ، وانك بأصعب فترات الطريق ، لكنني جئت لأبشرك انك بعد ان تسير وتواصل كفاحك ستصبح انت انا الآن ،
وكما تري ما اجمل شعور تحقيق الأحلام بعد كثير من المعاناة ، انظر حولك كم الذين ينظرون لك بإفتخار و حب ، وجودك مؤثر وقوي لهم ، اعلم انك لن تستسلم وستستمر لأنك قوي ، اثق انني سأراك قريباً هنا في نفس المكان ولكن الفرق الوحد حينها انك ستكون انت انا ، أراك قريباً يا عزيزي فأنا بإنتظارك و بجانبك دائماً.
رأيته يودعني ثم اختفي واختفي المشهد من حولي و صوت الضجيج اصبح هدوء ، ثم فجأة بدأت انظر حولي رأيتني في غرفتي امامي كتبي و اقلامي متناثرة حولي ادركت انني غرقت في غفوة من النوم و كان هذا حلم ، كان هذا الحلم بمثابة رسالةً لي ، شعرت حينها ان الله يربت علي كتفي لكي يخبرني انني أراك وأرى تعبك و سأعوضك عن كل هذا العناء ،
ابتسمت حينها و شعرت بطاقة تحتل جسدي فأخدت استمر في مواصلة السعي لأنني اعلم انني سألتقي بنفسي في ذلك المكان ولكن حينها لن يكون حلم بل حقيقة.
كنت اعلم ان هذه اللحظة ستأتي
– بسنت صلاح عباس
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.