
للتتقن الخِفه كن تلميذاً للفراشه
للتتقن الخِفه كن تلميذاً للفراشه
أفلِت ثقالك ، كما الفراشه تشق شرنقتها ، و تفرد أجنحتها ؛ لتجوب المروج أينما أمتدت .
زهد متاعك ، كما الفراشه تزور زهورها ، و تلقطُ زادها ، و ترحل خِفافًا كما حلت .
للتتقن الحب كن تلميذاً للشمس
أحببْ كما شمس الشروق …سخيه بلا شرط .
فارق كما شمس الغروب ..صَفيه بلا مقت.
للتتقن الجمال ،كن تلميذاً للزهره
كن كامل نفسك ، كما الزهره لا تتجمل زيفاً ، و لا تستلفت أحداً .
جُدْ بألطف أثرك ، كما الزهره إذا حضرت فاحت و إذا غابت عطّرت
ولِتُتقِن الحكمة، كُن تلميذًا للنهر
تعلّم أن تمضي دون صخب،
أن تُغيّر طريقك حين يعترضك حجر،
لا عن ضعف، بل عن فِطنة.
فالنهر لا يُخاصم الضفاف،
ولا يتوقّف ليُثبت أنه الأقوى،
إنما يصل… لأنه يعرف كيف يمرّ.
ولِتُتقِن الصبر، كُن تلميذًا للأرض
تحتمل المواسم كلّها،
تستقبل البذر كما تستقبل الفقد،
لا تشكو جفافًا،
ولا تتباهى بالخصب،
وتمنح حين يحين العطاء،
كأنها تقول: لكل شيء أوانه.
ولِتُتقِن السلام، كُن تلميذًا للسماء
واسعةً رغم الامتلاء،
تحتضن العابر والمقيم،
ولا تضيق بغيومها،
تعرف أن العتمة طارئة،
وأن الصفاء… عودة لا غياب.
ولِتُتقِن نفسك، كُن تلميذًا للصمت
فليس كل ما يُعرف يُقال،
ولا كل ما يُشعَر به يُشرح.
في الصمت تُصفّى النوايا،
وتُسمَع الأصوات التي
يُغرقها الضجيج.
ولِتُتقِن الفقد، كُن تلميذًا للخريف
يُسقِط أوراقه دون صراخ،
كأنه يعرف أن الرحيل
ليس نقيض الوفاء،
بل صورته الأخرى.
لا يتشبّث بما آن أوانُ ذهابه،
لأن الامتلاء الحقيقي
أن تترك مساحة لما سيأتي.
ولِتُتقِن الاختيار، كُن تلميذًا للطريق
لا كل التفافاتِه ضياع،
ولا كل استقامةٍ نجاة.
تعلّم أن تمشي بوعي،
أن تُبطئ حين يلزم التروّي،
وأن تُسرِع فقط
حين تعرف لماذا تمضي.
ولِتُتقِن القرب، كُن تلميذًا للقلب
لا يُحصي من أحبّهم،
ولا يزن المشاعر بالعدل،
يخطئ… ويتعلّم،
وينكسر… ولا يقسو.
فالقرب الصادق
لا يعني السلامة دائمًا،
بل الشجاعة في أن تشعر.
ولِتُتقِن الحياة،
لا تكن تلميذًا مطيعًا دائمًا،
اسأل،
وتعجّب،
وخالف أحيانًا.
فبعض الدروس
لا تُفهم إلا حين
نجرّب أن نكون
نسختنا الخاصة من الحقيقة.
وما زال في الطبيعة متّسعٌ
لدروسٍ لم تُقَل بعد،
وما زال في القلب
مكانٌ لتعلّمٍ جديد،
كلّما ظنّ أنه وصل،
اكتشف أن الرحلة
كانت هي المعنى.
للتتقن الخِفه كن تلميذاً للفراشه
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


