ماذا عن الماضي بقلم الإعلامية: د. ثناء خلف الله العمدة
ماذا عن الماضي
بقلم الإعلامية: د. ثناء خلف الله العمدة
في حياة الإنسان العديد والعديد من المواقف التي تصرف فيها بشكل أعتقد حينذاك أنه الأفضل، ولكن بعد مرور الزمن أخذ يعصر قلبه الألم من جراء ذلك الفعل أو التصرف، وأخذ يجلد ذاته في مشهد يرثى له القلب، وكل ذلك لأنه أخطأ، الآن يندم، الآن يشعر أن ما فعله هو غلطة ما كان لمثله أن يفعلها، ولكن دعني أخبرك هنا بخبر سار وهو أنه بمجرد تفكيرك في الماضى بهذا الشكل يعني أنك اليوم أصبحت أكثر نضوجا وخبرة وأن سنوات عمرك لم تمر دون إدراك، ودعني أيضًا أخبرك أيها القارئ العزيز أن الله أراد بك خير اليوم ولذلك منحك هذا الإدراك الذي جعلك تندم على أخطاء الماضي والتي كانت بمستوى فهمك آنذاك عادية أو صحيحة أو حتى مقبولة.
ثم دعني أوضح لك الدرس الأعظم وهو أنك لن تتعلم الدروس أبدًا ولن تنتقل إلى الخطوة الموالية إذا لم تعترف بمسئوليتك عن كل ما تعيشه الآن وتتقبله بكل رضا وتسلم الأمر كله لله، حينها سيعمل كل شيء من أجلك، لكن عليك أن تدعه يفعل الأشياء بتدبيره، لا ترسم الطريق لله أبدًا، و مهما كانت مشيئته فهي الأنسب لك لأنه هو العدل و الحق، فقط عليك التحلي بالصبر والثقة، و السماح لمخطط الله بالسريان في حياتك.
التسليم لله هو بالدرجة الأولى تقبل إرادته، التسليم لله يعني عدم الندم على اختياراتك في الماضي، و عدم الاستياء من نتائجها في الحاضر، و عدم الخوف من المستقبل والاكتئاب بخصوصه، بالتسليم أنت تتعلم دروسًا جديدة طوال الوقت وتمضي قدمًا على طول هذا الطريق الروحي
إذا مارست التسليم العميق ستمتن لله كثيرًا، لأنه عند التسليم، ستفتح لك السعة في الخيارات من الكون بشكل لايوصف، لأنك أوقفت المقاومة وسمحت باستمرار تدفق الحياة وما تحمله معها من مكافآت وهدايا
التسليم لله هو أن لاتنتهك حدوده وتحترم وتؤمن بقوانينه الكونية وأن تثق به ليساعدك على تغيير حياتك وأن يكون السر بينك وبين الله لايحب أن يطلع عليه إلا هو فقط، التسليم لله أن تعيش السلام والأمان التام بينك وبين كل شيء في حياتك ، واعلم أنك عندما تكون عزيزا عند الله فستكون عزيزا أينما حللت، هذا هو ما تحتاجه للشفاء والارتقاء في وعيك، التسليم هو أساس الحياة و أساس الحب والسلام والرحمة…
التسليم يفتح لك المجال أمام عدد لا متناهي من الاحتمالات، كأنك أخبرت الكون أنك موافق ومتقبل لهذه المرحلة التي اخترتها أنت سواء بوعي منك أو بدون وعي، ومستعد لاختيار المرحلة المقبلة من بين عدد كبير من الخيارات، التسليم هو باب تفتحه نحو التوسع في الكون، هو الطريق إلى النمو والوفرة و القوة والإلهام والبهجة والتجدد وكل الفضائل والخيرات، وإذا نظرت حولك ستعلم تمام العلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك كما قال الحديث الشريف.
أستحلفكم بالله لا تنسوني من صالح دعائكم في هذه الأيام المباركه، حتى لقاء قريب دمتم بخير .
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.