ما أعظمك يا رسول الله
ما أعظمك يا رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ما أعظمك يا رسول الله
اليوم : السبت الموافق 17 فبراير 2024
الحمد لله الذي خلق البشر، وأمر بطاعته كما أخبر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم العلن والمخبر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله ربه إلى الأسود والأحمر، صلى الله وسلم عليه ما بزغ نجم وظهر، وعلى آله وأصحابه الميامين الغرر والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المستقر أما بعد لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتبر الحيوان كيانا معتبرا، ذا روح، يحس بالجوع، ويشعر بالعطش، ويتألم بالمرض والتعب، ويدركه ما يدرك الإنسان من أعراض الجسد لذا رأيناه صلى الله عليه وسلم تتألم نفسه ويرق قلبه لحيوان ألم به الجوع ونال منه الجهد فعن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعير قد لصق ظهره ببطنهـ فقال “اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة”
فما أعظمك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم مسؤولياتك الجسام، ومهامك العظام، إلا أنك لم تُشغل عن مراقبة ما يحدث لحيوان من إساءة بالغة، وإهمال من ذويه فنصحت بالإحسان والرعاية، لقد وسعت شفقته فراخ طائر، وأبت أن يفرّق بينهم، فعن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود رحمه الله عن أبيه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها” ورأى قرية نمل قد أحرقناها، فقال صلى الله عليه وسلم “مَن أحرق هذه؟” قلنا نحن، قال “إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار” فهذا هو نبي الإنسانية من علمها الرحمة والرفق واللين والحب صلى الله عليه وسلم.
ولقد كانت السكينة والمودة والرحمة ترفرف على بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وكان تعامله مع أزواجه رضي الله عنهن، يمثل الذروة في الرحمة والشفقة والألفة، ولكن على الرغم من كل ذلك، وعلى الرغم مما كان صلى الله عليه وسلم يتعامل به من أخلاق سامية، إلا أن ذلك لم يكن ليحول دون وقوع بعض المشكلات العابرة بين أزواجه صلى الله عليه وسلم وهي مشكلات تؤكد بشرية النبي صلى الله عليه وسلم وتنطلق من واقعية الدين الإسلامي وتعامله مع النفس البشرية، وما تحمله من صفات خلقية تزيد وتنقص، وهذا ما يجعل بعضا من هذه المشكلات الأسرية تخرج إلى السطح، وتروى في ذلك أحاديث نبوية إلى قيام الساعة، وفي ذلك من الحكمة ما لا يخفى، حيث نسترشد نحن بهديه صلى الله عليه وسلم القولي.
والفعلي في التعامل مع هذا الجانب من جوانب الحياة، ونحن في هذه العصر الذي اتسم بتعقده وتشابكه وكثرة المشكلات الأسرية وتزايدها بأمس الحاجة إلى الهدي النبوي في التعامل مع هذه المشكلات لعلاجها، ومن ثم السير بقطار الحياة الزوجية بهدوء وسكينة، وصولا إلى المودة والرحمة والسكن، الذي ذكره الله عز وجل في قوله كما جاء في سورة الروم ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون” فاللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، ولا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا كربا إلا نفسته، ولا دينا إلا قضيته، ولا عسيرا إلا يسرته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها، ويسرتها برحمتك يا أرحم الراحمين.
ما أعظمك يا رسول الله
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.