مقالات ووجهات نظر

ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق 

ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق 

ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق

اليوم : الثلاثاء الموافق 27 أغسطس 2024

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، لقد كان سلفنا الصالح رحمهم الله مع عمق إيمانهم وكمال علمهم، يخافون النفاق أيما خوف فقد أخرج البخاري تعليقا أن ابن أبي مليكة رحمه الله قال أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، قال الحافظ بن حجر رحمه الله والصحابة الذين أدركوا ابن أبي مليكة من أجلهم السيدة عائشة وأختها السيدة أسماء، والسيدة أم سلمة، والعبادلة الأربعة وأبو هريرة رضي الله عنهم أجمعين فهؤلاء ممن سمع منهم.

وقد أدرك بالسن جماعة من أجل من هؤلاء، كالإمام علي، وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، وقد جزم بأنهم كانوا يخافون النفاق في الأعمال، ولم ينقل عن غيرهم خلاف ذلك، فكأنه إجماع، وذلك لأن المؤمن قد يعرض عليه في عمله ما يشوبه مما يخالف الإخلاص، ولا يلزم من خوفهم من ذلك وقوعه منهم، وكان أبو الدرداء رضي الله عنه إذا فرغ من التشهد في الصلاة يتعوذ بالله من النفاق، ويكثر التعوذ منه فقال له أحدهم ومالك يا أبو الدرداء أنت والنفاق؟ فقال دعنا عنك، فوالله إن الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فيخلع منه، وكان الحسن البصري رحمه الله يقول “ما خافه أي النفاق، إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق” وسئل الإمام أحمد ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق؟ قال “ومن يأمن على نفسه النفاق”؟

ويقول بن القيم وبحسب إيمان العبد ومعرفته يكون خوفه أن يكون من أهل هذه الطبقة، ولهذا اشتد خوف سادة الأمة وسابقيها على أنفسهم أن يكونوا منهم، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لحذيفة ناشدتك الله، هل سماني رسول الله مع القوم؟ فيقول لا، ولا أزكي بعدك أحدا، يعني لا أفتح عليّ هذا الباب في تزكية الناس، وليس معناه أنه لم يبرأ من النفاق غيرك، فتأمل رحمك الله ما عليه أولئك الأسلاف الأبرار من خوف شديد من النفاق ودواعيه، ثم انظر إلى حال الأكثرين منا في هذا الزمان، فمع ضعف الإيمان وغلبة الجهل تجد الأمن من النفاق والغفلة عنه، فالله المستعان، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في وصية غالية “لا تعجز” أي لا تكسل وتتأخر في العمل إذا شرعت فيه، بل استمر لأنك إذا تركت ثم شرعت في عمل آخر.

ثم تركت ثم شرعت ثم تركت، ما تم لك عمل، ثم قال عليه الصلاة والسلام ” فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا” ويعني بعد أن تحرص وتبذل الجهد، وتستعين بالله، وتستمر، ثم يخرج الأمر على خلاف ما تريد، فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا لأن هذا أمر فوق إرادتك، أنت فعلت الذي تؤمر به، ولكن الله تعالي غالب على أمره، ونضرب مثالا لذلك وهو إذا سافر رجل يريد العمرة، ولكنه في أثناء الطريق تعطلت السيارة، ثم رجع فقال لو أني أخذت السيارة الأخري لكان أحسن، ولما حصل على التعطل، فنقول لا تقل هكذا لأنك أنت بذلت الجهد، ولو كان الله تعالي أراد أن تبلغ العمرة ليسر لك الأمر، ولكن الله لم يرد ذلك، فالإنسان إذا بذل ما يستطيع مما أمره الله ببذله، وأخلفت الأمور، فحينئذ يفوض الأمر إلى الله لأنه فعل ما يقدر عليه.

 

ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة