مقالات ووجهات نظر

مجاعه هى الأصعب فى فترة حكم المستنصر بالله

مجاعه هى الأصعب فى فترة حكم المستنصر بالله
بقلم الإعلامية: د. ثناء خلف الله العمدة

حدثت تلك المجاعة فى فترة حكم …..
أبو تميم معد بن الظاهر المعروف بالمستنصر بالله بن علي الظاهر لإعزاز دين الله هو الخليفة الفاطمي الثامن والإمام الثامن عشر في سلسلة أئمة الشيعة الإسماعيلية

كانت الدولة الفاطمية حين اعتلى عرشها الخليفة المستنصر بالله الفاطمي قد استقرت تمامًا، واتسعت اتساعًا هائلاً، وبلغت دعوتها الشيعية أقصى مدى لها في الذيوع والانتشار، وامتلأت خزائنها بالأموال. غير أن وقوعها في أيدي المغامرين والطامحين، واشتعال الفتن والثورات بين فرق الجيش، والتنافس على الجاه والسلطان أضاع منها كل شيء. واختُزلت الدولة التي كانت تمتد من أقصى المحيط الأطلسي إلى الفرات في مصر فقط. وبعد أن كانت ترفل في غناها وثرائها وكثرة خيراتها أصبح يعلوها الذبول والشحوب بفعل المجاعات التي أصابتها. هذا التحول من السعة إلى الضيق ومن الغنى إلى الفقر هو ما شهده عصر الخليفة المستنصر بالله الفاطمي.

أحكيلكم من الأول وأوضح لكم تاريخ فترة من أسود الفترات التى مرت على مصر …؛

لنرجع بالاحداث سويا إلى شهر جمادى الآخرة ٤٥٤ هجري/ ١٠٦٢ ميلادي خرج المستنصر الي التنزه خارج القاهرة ومعه العبيد السود والترك ونساؤه وجواريه كعادته ومعهم الخمر في روايا الماء وبعدما لعبت الخمر بالرؤية قتل أحد الاتراك أحد العبيد السود فتجمع العبيد وقتلوا التركي فاجتمع الأتراك واقتحموا خيمة المستنصر بالله وقالوا إن كان ذلك بأمرك فسمع وطاعة أما إن لم يكن فلنا ثأر عند العبيد السود .

تجمع الاتراك والعبيد السود وتحركوا شمالاً وتقاتلوا خارج الإسكندرية في منطقة كوم شريك ( أحدي قري ميت دمسيس حالياً محافظة البحيرة) وانهزم العبيد السود وكانت السيدة رصد ام المستنصر تمدهم بالمال والسلاح وانكشف ذلك للأتراك فدخلوا علي المستنصر واغلظوا له القول فدخل على أمة ومنعها من التدخل في شؤون العبيد وبدأ المفاوضات ونفي العبيد السود الي دمنهور .

كانت تلك الحادثة بداية تجبر وافتراق جنود الدولة الفاطمية وانقسامهم وبداية الشدة المستنصرية.

في عام ٤٥٩ هجري/ ١٠٦٧ ميلادي طالب الاتراك المستنصر بالله بزيادة الاعطيات والأموال وكانوا وقتها هم عماد الدولة الفاطمية بعد ابعاد العبيد السود وتهميش دور المغاربة فاستزفوا الخزينة العامة للدولة فقامت ام المستنصر بالله السيدة رصد بإغراء العبيد السود للهجوم على الترك مرة أخري فتحركوا من دمنهور الي الجيزة وخرج الاتراك لهم وتحاربوا في الجيزة وانهزم العبيد السود مرة أخري فاتجهوا الي الصعيد يعيثون الفساد ويدمرون القري ويحرقون المحاصيل وتزامن ذلك مع قصور فيضان النيل في تلك السنة .

وفي العام التالي ٤٦٠ هجري / ١٠٦٨ ميلادي حاصر الأتراك القاهرة ونهبوا القصور الفاطمية وما كان قد جاء به المعز لدين الله عند استقراره في القاهرة من كنوز وتحف وأدوات لم ير العالم لها مثيل من قبل واجتاحوا المكتبة الفاطمية التي بناها العزيز وزاد فيها الحاكم بأمر الله الكثير من الكتب العلمية والأدبية والفكرية النادرة والرائعة فاستخدموا أوراقها للطهي والتدفئة وجلودها نعالا للأحذية .
وذهبوا الي الصعيد لمحاربة العبيد السود والقضاء عليهم فطال أمد تلك المعارك وتدمرت القري بينهم حتي تم إبادة العبيد السود واستمر النيل في عدم الزيادة وبدأ الجوع ينتشر لعدم الحصاد وزيادة أسعار الغلال في الوجه البحري والقاهرة وتدمير الصعيد.

وفي عام ٤٦١ هجري / ١٠٦٩ ميلادي عدمت الاقوات في مصر بالكامل وبدأ الناس في أكل القطط والكلاب والجيف الميته وأي شئ يستطيعون من خلاله البقاء على قيد الحياة مع استمرار عدم وفاء النيل بالفيضان.

واستمر الأتراك في مطالباتهم المستنصر بالله بالاموال حتي لم يتبق لديه سوي ملابسه هو ومن معه حتي كان إذا أراد الخروج كان يستأجر بغلة أحد القضاة وصار يجلس علي الارض أو علي حصير من البوص وتقوته أحدي بنات الفقهاء برغيف من الشعير كل يوم.

وفي هذا العام ظهر في القاهرة وبعض النواحي آكلي لحوم البشر فكانوا يخطفون المارة ويذبحونهم ويبيعون لحومهم كذلك الأطباء والمغسلين حتي صارت هناك عصابات تسرق الأطفال وتذبحهم لبيع لحومهم حتي تفاقم الأمر وعدمت الدواب والبهائم من مصر واختفت اماكن كاملة وقري من جراء الجوع فكانوا يدخلون البيوت يجدوا من بها قد ماتوا من الجوع فكانوا ياخذون لحوم الاموات ويأكلونها.

أما في عام ٤٦٢ هجري / ١٠٧٠ ميلادي تجهز الب ارسلان السلجوقي لمهاجمة الشام وكان عليه بدر الجمالي واليا علي كامل الشام لكن توقف الب ارسلان بسبب هجوم البيزنطيين عليه واستمر الحال علية من الجوع والشدة لكن في تلك السنة زاد ماء النيل لكن لم يصل الي الحد المطلوب ولم يوجد من يزرع أو يحصد .

استمر ذلك الحال عدد من الاعوام بدأت٤٦٣ هجري/ ١٠٧١ ميلادي، حتى ٤٦٥ هجري / ١٠٧٣ ميلادي.

في عام ٤٦٦ هجري ١٠٧٣ ميلادي كاتب المستنصر بالله الفاطمي بدر الجمالي أمير الجيوش وكان وقتئذ بعكا لعدم إستقرار الأوضاع في الشام وقلده الوزارة فاشترط أمير الجيوش بدر الجمالي خروج الأتراك من القاهرة فأمره المستنصر بالقدوم الي مصر بكل العتاد العسكري والجنود الذين يستطيع حملهم معه فركب البحر في شتاء تلك السنة ولم يسلك طريق البر مع كامل جنوده وكانوا من الأرمن لأنه كان أرمني الجنس.

ونزل بدر الجمالي دمياط وسار إلي القاهرة وكان قد كاتب البيزنطيين في شراء الغلال قبل مسيره من عكا .
عندما وصل بدر الجمالي القاهرة أستخدم الحيلة وقتل رؤوس الجند الأتراك ومقدمي الدولة في مذابح عظيمة واستولي علي مقاليد الحكم في مصر وفي نفس الوقت وصلت غلال القسطنطينية وتوزعت علي المصريين وانتهت الشدة المستنصرية اصعب الأوقات التي مرت على مصر.

وبسبب تلك الأحداث تغيرت التركيبة السكانية في المجتمع المصري وبدأ العنصر البشري القبطي (المصري وحتي ذلك الوقت لم تكن تلك الكلمة تدل علي دين أو مله) في مواجهة باقي العناصر التي وفدت علي مصر منذ دخول العرب.
حمى الله مصر وشعبها.


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة